باستمرار لتكوين حالات اجتماعية، ومشاغل واهتمامات فكرية تصرف فئات الشعب عن مصالحها الجوهرية 1 وتقعد بها عن مساعدة الحكم الشعبي الذي يمثل هذه المصالح ويعمل لتحقيقها، هذا إذا لم تفلح هذه البنى العليا في أن تؤلب بعض فئات الشعب - نتيجة للتضليل - ضد هذا الحكم.
وسكوت الشعب في حالة النشاط المعادي الذي تقوم به البنى العليا، أو عدم مبالاته، بترك الساحة خالية أمام هذه القوى لتفسد على الحكم الشعبي سياساته المستقبلية دون أن تخشى عقابا، لأن الحكم في هذه الحالة يقف في مواجهة تلك القوى وهو أعزل، وهذا يمنعها من التغلب عليه أو من تجاوزه. وهذا ما كان يحدث في كثير من الحالات في عهد الإمام عليه السلام، وكان يثير غضبه على النخبة لفسادها، ويحمله على كشف عيوبها أمام أعين الناس.
لقد كان الإمام عليه السلام حريصا أشد الحرص على أن يحرك الجماهير ويدفع بها دوما إلى أن تعبر عن رأيها، وتعلن عن مواقفها.
وتعكس لنا النصوص إدراك الإمام العميق للأهمية الكبرى والحاسمة التي تبينها هذه المسألة في عمله السياسي، وذلك في مظهرين:
الأول:
كثرة المناسبات التي أثار فيها الإمام موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنوع الأساليب التي شرحه بها. وهذا أمر ملفت للنظر بالنسبة إلى حكم شرعي ثابت في القرآن الكريم والسنة النبوية ويعتبره الفقهاء من الأحكام القطعية الضرورية، إن هذا الاهتمام المستمر على مسألة الأمر والنهي يكشف عن أن الإمام كان يواجه في المجتمع حالة غفلة عن الحكم الشرعي بوجوب الأمر والنهي، وحالة تراخ عن القيام