التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٠٧
4 - يعزز إمكانات تسلل معاوية بن أبي سفيان إلى داخل التكوينات السياسية في مجتمع العراق، وهي القبائل.
* وننتقل الآن إلى عرض الشواهد من الخطبة القاصعة 1.
بين الإمام أولا أن الكبرياء من صفات الله تعالى. ومن ثم فليس للناس أن يتكبر بعضهم على بعض.
ثم عرض، ثانيا، لكبرياء إبليس، وتعصبه ضد آدم مفتخرا بأصله، وذكر بأن كبرياء إبليس كانت كارثة عليه إذ قضت على منزلته العالية.
ثم قرن الإمام بين كبرياء إبليس وكبرياء البشر على بعضهم، واعتبر المتكبرين أتباعا لإبليس في هذا الخلق الذميم:
صدقه به أبناء الحمية 2، وإخوان العصبية، وفرسان الكبر والجاهلية، حتى إذا انقادت له الجامحة منكم 3، واستحكمت الطماعية منه فيكم - فنجمت 4 الحال من السر الخفي إلى الأمر الجلي - استفحل سلطانه عليكم 5. فأصبحتم أعظم في دينكم حرجا، وأوروى في دنياكم قدحا 7 من الذين أصبحتم لهم مناصبين وعليهم متألبين.
وهكذا بين لهم الإمام أن الشر والفساد الناشئين عن العصبية، والصراع الناتج منها لا يقتصر تأثيرها على الجانب الديني والإيماني فقط، وإنما يتعدى ذلك إلى التأثير

(1) نهج البلاغة - رقم الخطبة: 192.
(2) الحمية: الأنفة والغضب.
(3) الجامحة: من جموح الفرس - أراد أن الفئة التي لم تطع إبليس وجمحت عنه عادت فأطاعته واتبعت سبيله في الكبرياء. أو أن الفئة التي جمحت عن الشرع انقادت إلى إبليس.
(4) نجم: ظهر. أي أن العصبية بعدما كانت خفية في النفوس ظهرت في ممارسات علنية.
(5) استفحل: قوي واشتد وصار فحلا.
(6) الحرج: لغة في الحرج - بفتح الراء - وهو الإثم. يريد: إنكم بطاعتكم لإبليس أصبحتم أعظم إثما في دينكم. ورواية النسخة المتداولة من النهج (فأصبح)، ولا يستقيم المعنى عليها، ورواية ابن أبي الحديد في شرحه (فأصبحتم) وقد اعتمدناها لأنها أوفق بالمعنى.
(7) أورى: أشد قدحا وتوليدا للنار. كناية عن تخريب دنياهم بالفتن والقلاقل.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»