الإثارة والهياج ليزيدوا مجتمع العراق إنهاكا وتمزقا. وكذلك نرى لها أصلا في سياسات رؤساء القبائل الذين كان نهج علي السياسي يهدد سلطانهم ونفوذهم، فكانوا يشجعون العامة والبسطاء على أمثال هذه الممارسات ليثبتوا سلطانهم على قبائلهم.
2 - الصراع العنصري:
لقد كان مجتمع العراق، كغيره من بلاد الإسلام في ذلك الحين، يضم مجموعات كبرى من المسلمين غير العرب الذين أدى التوسع في الفتوح خارج شبه الجزيرة العربية إلى احتلال بلادهم في إيران ومستعمرات الإمبراطورية البيزنطية (مصر وسوريا، وغيرهما)، ومن ثم أدى إلى دخول كثير منهم في الإسلام.
وقد كان هؤلاء - من الناحية النظرية - يتمتعون بحقوق مساوية لحقوق المسلمين العرب كما يتحملون واجبات مساوية. لقد ضمن لهم الإسلام مركزا حقوقيا مساويا تماما للمسلمين العرب، ولكنهم كانوا من الناحية الواقعية يعانون من التمييز العنصري بسبب انطلاق الروح القبلية والعصبية العربية.
وقد ألغى الإمام علي فور تسلمه السلطة جميع مظاهر التمييز العنصري والعصبية العنصرية التي كان يعاني منها، بشكل أو بآخر، المسلمون غير العرب.
وقد أثار ذلك ردود فعل سلبية عند زعماء القبائل، فاحتجوا على التسوية في العطاء بينهم وبين الموالي (المسلمين غير العرب)، واندفعوا ينصحون الإمام عليا قائلين:
يا أمير المؤمنين، أعط هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، واستمل من تخاف خلافه من الناس 1.
وكان هؤلاء ينظرون في نصيحتهم هذه وينطلقون في نظريتهم السياسية هذه من التجربة التي كان يقوم بها معاوية بن أبي سفيان.