ولكن الإمام عليا كان ينطلق في ممارسته السياسية من قاعدة أخرى، فأجابهم قائلا:
أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟!! والله لا أطور 1 به ما سمر سمير 2، وما أم نجم في السماء نجما 3.
* وتشتمل الخطبة القاصعة على عدة شواهد تدل على أن ما كان يثير في نفس الإمام قلقا عميقا ليس الصراع القبلي المستفحل وحده، بل الصراع العنصري أيضا.
هذا الصراع بوجهيه - القبلي والعنصري - كان، بالإضافة إلى أنه آفة في ذاته، يؤدي إلى توليد آفات أخرى:
1 - يعمق ويرسخ الواقع الاجتماعي القبلي والتكوين الاجتماعي القبلي للمجتمع في الثقافة العامة، والبنية النفسية للفرد، وبذلك يحول دون تطور التركيب الاجتماعي من طور القبلية التي تقسم المجتمع إلى وحدات تقوم على علاقة الدم إلى طور التوحد على أساس العقيدة والشريعة والمؤسسات والمصالح المشتركة، وهو يؤدي بالتالي إلى أن يكون معوقا حضاريا أيضا يجمد المجتمع في حالة التخلف على صعيد المؤسسات والإنجازات التنظيمية.
2 - يزيد ويعزز سلطة رؤساء القبائل على قواعدهم القبلية، فيؤثر ذلك على فاعلية أجهزة السلطة المركزية ويضعفها.
3 - يؤثر على تلاحم المجتمع - وهو في حالة حرب مع القوى الخارجة على الشرعية في الشام، ومع الخوارج.