التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٩٥
3 - التاريخ يعيد نفسه هل يعيد التاريخ نفسه؟
من البديهي أن التاريخ لا يعود مرة أخرى إلى ساحة الحاضر أو المستقبل، إذا أردنا من هذه القضية عودة تفاصيله وجزئيات أحداثه، فالأحداث ليست أشياء مجردة تقع في الفراغ دون أن تكون لها صلة بالبشر، وإنما الأحداث بما هي صنع البشر تحمل السمات الشخصية الخاصة لصانعيها: تحمل طابع مصالحهم الآنية، وأمزجتهم وعواطفهم، وأخلاقياتهم وطريقة فهمهم للحياة... وقد تنعدم هذه السمات الشخصية المميزة مع أصحابها، ولن تعود على الإطلاق. وإذن، فالتاريخ بهذا المعنى لا يعود ولا يتكرر.
إن ما حدث في الماضي قد حدث مرة واحدة، ولن يحدث مرة أخرى، لن يتكرر، على الإطلاق.
أما إذا أردنا من هذه القضية عودة نمط الحركة التاريخية ومظاهره العامة وآثارها النفسية والاجتماعية في المجتمع فإن التاريخ يعود بالتأكيد حين تتوفر في الحاضر... في نسيجه الاجتماعي وعلاقاته الإنسانية الأسباب الموضوعية التي أدت إلى نشوء نمط الحركة التاريخية في الماضي.
إن الإنسان هو الإنسان في كل زمان.
إنه يتحرك في الزمان والمكان مدفوعا - فردا وجماعة ومجتمعا - بمصالحه وعلاقاته وعواطفه، والعقائد والشرائع والمثل والقيم الأخلاقية والروحية إذا تأصلت فيه وتعمقت في وجدانه وكيفت نظرته إلى الكون والحياة والإنسان فإنها تكون قادرة على
(٩٥)
مفاتيح البحث: الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 95 96 97 98 99 100 ... » »»