التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٤٦
وهكذا استجاب علي بن أبي طالب للرغبات الملحة المتلهفة، فقبل كارها - على ما يبدو - أن يتولى السلطة ويقود الأمة. وقد تبلورت وتحددت باستجابته وتوليه للسلطة ثلاث قوى سياسية - فكرية، هي:
1 - النهج الإسلامي الصافي النبوي: تمثله السلطة الشرعية (الخلافة) وعلى رأسها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
والهدف الآني المباشر والملح لهذا النهج كان تصحيح الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية في المجتمع الإسلامي الذي يتطلع بلهفة إلى تغييرات تحقق آماله. كما كان هذا الهدف يستبطن هدفا آخر هو إعادة الاعتبار النظري والعملي للمفاهيم والقيم الإسلامية.
2 - النهج الجاهلي المموه بالإسلام: وقد كان هذا النهج يتمتع بسلطة واسعة وثابتة في المنطقة السورية. وكانت له جيوب في الحجاز، والعراق، ومصر، وغيرها من بلاد الإسلام.
وقد بدا منذ اللحظة الأولى أن قائد هذا النهج هو معاوية بن أبي سفيان، والهدف الآني والنهائي لهذا النهج هو تثبيت الأوضاع القديمة، وإجهاض النهج النبوي أو قمعه بإثارة المشاكل والفتن في وجهه.
إنه الثورة المضادة. إنه قطع الطريق على حركة التغيير.
.. وقد عبر الإمام عن قادة هذا النهج بأنهم أرادوا رد الأمور على أدبارها وذلك في كلام له عن أصحاب الجمل:
إن هؤلاء قد تمالأوا 1 على سخطة 2 إمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم، فإنهم إن تمموا على فيالة 3 هذا الرأي انقطع نظام المسلمين، وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن

(1) تمالأوا: تواطأوا واتفقوا وتعاونوا.
(2) السخطة: البغض والنعرة.
(3) فيالة الرأي: ضعفه وسخفه.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»