التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٤٧
أفاءها 1 الله عليه، فأرادوا رد الأمور على أدبارها. ولكم علينا العمل بكتاب الله، تعالى، وسيرة رسول الله (ص)، والقيام بحقه، والنعش 2 لسنته 3.
3 - الموقف المتردد الحائر - إذا صح أن يسمى التردد موقفا -.
وتمثل هذا الموقف بعض القيادات الثانوية: (سعد بن أبي وقاص، عبد الله بن عمر..
وآخرون).
هذا النهج لم يبلغ من الصفاء والوعي درجة تحمله على أن ينضوي في النهج النبوي وكانت مصالح رجاله من جهة وأثارة من التقوى في أنفس بعضهم من جهة أخرى، قد حملتا هؤلاء الرجال على التزام جانب الحيطة والحذر من النهج الجاهلي فلم ينحازوا إليه في هذه المرحلة، وإن كان بعضهم قد والى النهج في النهاية.
هؤلاء قال عنهم الإمام (ع):
خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل 4.
ولما قال له الحارث بن حوط: أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟ قال له الإمام:
يا حارث إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت 5، إنك لم تعرف الحق فتعرف من أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه.
فقال له الحارث بن حوط: فإني أعتزل مع سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر...
فأجابه الإمام قائلا:
إن سعيدا وعبد الله بن عمر لم ينصروا الحق، ولم يخذلا الباطل 6.

(1) أفاءها الله.. أرجعها إليه، من فاء بمعنى رجع.
(2) النعش، من نعش ينعش: بمعنى رفع السنة إلى مقام العمل والتطبيق.
(3) نهج البلاغة - رقم النص: 169.
(4) نهج البلاغة - باب الحكم - رقم: 18.
(5) حرت: من حار أي تحير.
(6) نهج البلاغة - باب الحكم - رقم: 262.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 153 ... » »»