التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٤٩
إليكم أموركم إنكم لسعداء وإني لأخشى أن تكونوا في فترة، وما علينا إلا الاجتهاد... 1.
حذرهم، أولا، من إثارة القلاقل والاضطربات.
ثم أثار في عقولهم وقلوبهم عقيدة البعث واليوم الآخر.
ثم بين لهم أن الإنحراف عن منهج الكتاب والسنة إلى اليمين أو إلى الشمال يؤدي بصاحبه إلى الضلال والتيه، ولذا فإن نبض الجاهلية العائد ضلال.
ثم كشف لهم عن أن المرحلة تقتضي الحكم أن يكون صارما (السوط والسيف)، ولذا، فإن على الناس ألا يخوضوا في أي شأن يزيد الوضع سوءا بإثارة العصبيات القبلية والنزعات العشائرية، داعيا إياهم إلى أن يكفوا ويتوبوا عما سلف منهم من إفساد.
ثم أعطاهم حق الرقابة، وطالبهم بحقه في تأييدهم ومؤازرتهم.
ثم أبدى تشاؤمه من المستقبل وشكه في عودة النهج النبوي إلى سابق قوته (قلما أدبر شئ فأقبل)، ولكنه، مع ذلك، لم يفقد الأمل في تحسن الأوضاع، (لئن رجعت إليكم أموركم إنكم لسعداء).
ثم حذرهم من أن على الآمال المشرقة في التغيير نحو الأحسن... نحو النهج النبوي الصافي، أن تضامن نفسها، وأن يعود أصحابها إلى شئ من الواقعية في تطلعاتهم:...
وإني لأخشى أن تكونوا في فترة.
قال ابن أبي الحديد في شرح هذه الفترة:
الفترة هي الأزمنة التي بين الأنبياء إذا انقطعت الرسل فيها، كالفترة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله، لأنه لم يكن بينهما نبي، بخلاف المدة التي كانت بين موسى وعيسى عليهما السلام لأنه بعث فيها أنبياء كثيرون. فيقول عليه السلام: إني لأخشى ألا أتمكن من الحكم بكتاب الله تعالى فيكم، فتكونوا

(١) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة ١ / 275 - 276. ورواها الشريف الرضي في نهج البلاغة بتغيير بعض العبارات، انظر الخطبة رقم 176: ومن خطبة له عليه السلام في الشهادة والتقوى وقيل: إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 153 154 155 ... » »»