التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٤٤
ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيرا، خير لكم مني أميرا 1.
وقد ذكر الإمام، فيما بعد، بموقفه هذا في مناسبات كثيرة، منها قوله في كلام له عند خروج طلحة والزبير عليه:
فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافيل على أولادها 2، تقولون: البيعة البيعة!!
قبضت كفي فبسطتموها، ونازعتكم يدي فجاذبتموها 3.
ومنها قوله لطلحة والزبير أيضا:
والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة 4، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها... 5.
وقال في موقف آخر:
... وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها. ثم تداككتم علي 6 تداك الإبل الهيم 7 على حياضها يوم وردها، حتى انقطعت النعل، وسقط الرداء، ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير 8، وتحامل نحوها العليل، وحسرت 9 إليها الكعاب 10.

(1) نهج البلاغة - رقم النص: 92.
(2) العوذ المطافيل: الإبل والضباء ذات الأولاد، وهي جمع عائذة، ومطفل كناية عن اللهفة التي توجهوا بها إليه طالبين منه قبول بيعتهم، كما اللهفة التي تقبل بها أم الطفل على ولدها.
(3) نهج البلاغة - رقم النص: 137.
(4) الإربة: الغرض والرغبة.
(5) نهج البلاغة - رقم النص: 205.
(6) التداك الازدحام - تصوير لحالهم في الإقبال على البيعة.
(7) الهيم: العطاش: تصوير لرغبتهم العارمة في إنجاز البيعة.
(8) الهدج: مشي الضعيف. بيان لإقبال الجميع على البيعة، حتى أولئك الذين لهم من سنهم العالية أو مرضهم عذر يعفيهم من مشقة التزاحم على البيعة.
(9) الكعاب: جمع كاعبة: الفتاة ينهد ثدياها. وحسرت كشفت عن وجهها كناية عن إقبال الناس جميعا وفرحتهم بالبيعة.
(10) نهج البلاغة - رقم النص: 229.
(١٤٤)
مفاتيح البحث: كتاب نهج البلاغة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»