1 - حركة التاريخ في مظهر التفاعل الاجتماعي الثوري البشر يتحركون دائما في الزمان والمكان: يبدعون، ويتواصلون بالتجارة والصداقة تارة، وبالعداوة والحرب تارة، وبالفكر دائما.
ويتعاملون مع الطبيعة دائما. يكيفونها ويتكيفون معها، ويحبونها ويهربون منها في بعض الأحيان.
وهم يواجهون الإخفاق وخيبات الأمل في حالات، ويسعدون بنشوة النصر في حالات أخرى.
ويشلهم اليأس عن الحركة في بعض الحالات، ولكن سرعان ما يؤجح الأمل في التقدم والمستقبل الأفضل في قلوبهم جذوة الرغبة في التغيير فيعودون إلى الحركة من جديد.
وهكذا يصنع البشر تاريخهم باستمرار. ينسجونه خيطا فخيطا، ويبنونه ذرة فذرة من ملايين الآمال الصغيرة، والمخاوف الصغيرة، والأحقاد الصغيرة، والشهوات الصغيرة، التي تنكر لهم كلها وتتراكم فتتكون منها عجينة التاريخ.
ولكنها لن تكون تاريخا ما لم تأخذ قواما معينا وما لم تتشكل بهيئة معينة... ما لم تتضمن فكرة تغيير، وروح تغيير، وعزيمة تغيير، تجعل من آحاد الآمال والمخاوف والأحقاد والشهوات التي تبلغ الملايين شيئا واحدا كبيرا تنبض فيه روح واحدة تلف بوهجها كل المجتمع والجماعة، وتدفع بهم - لا في طريق الحركات الأحادية المبعثرة - في طريق حركة متدفقة هادرة، تحدوها رؤيا واحدة أو رؤي متقاربة تلتقي على التغيير. حينئذ تنشط حركة التاريخ التي كانت هادئة أو أمينة، وتتعاظم، وتلد الأحداث الكبيرة، وتدخل المجتمع والجماعة في منعطف من التاريخ جديد.