وكان بعض ممثلي هذا الموقف يتمتعون باحترام محدود في قواعدهم القبلية، وهذا الاحترام لم ينبع من ولاء فكري بل من ولاء قبلي، كما كانوا يتمتعون باحترام محدود من جماهير المسلمين نابع من صحبتهم للنبي (ص) ومن غموض موقفهم من الخيارات المطروحة على الساحة السياسية.
* وقد أدرك الإمام منذ اللحظة الأولى صعوبة موقفه، فكشف للأمة عن أن حركة التاريخ قد عادت ذات نبض جاهلي، فقد عاد التاريخ السابق على النبوة.. كما صارح الأمة بأن المواجهة مع القيم البائدة العائدة تقتضي الحكم بأن يكون قويا وصارما... كما صارحهم بأن الآمال في تغيير سريع وكامل نحو الأفضل ينبغي أن تتضامن قليلا ليتاح للسلطة الشرعية أن تواجه قوى الجاهلية بمرونة.
هذه الرؤية السياسية عبر عنها الإمام في خطبة خطبها في أول خلافته، في المدينة، أو هي - حسب رواية الجاحظ في كتابه البيان والتبيين عن أبي عبيدة معمر بن المثنى - أول خطبة خطبها بالمدينة، قال فيها حسب رواية الجاحظ عن أبي عبيدة:
ألا لا يرعين مرع على نفسه 1 شغل من الجنة والنار أمامه. ساع مجتهد ينجو، وطالب يرجو، ومقصر في النار...
اليمين والشمال مضلة، والوسطى الجادة 2 منهج عليه باقي الكتاب والسنة وآثار النبوة. إن الله داوى هذه الأمة بدوائين: السوط والسيف، لا هوادة 3 عند الإمام فيهما. استتروا في بيوتكم 4 وأصلحوا ذات بينكم، والتوبة من ورائكم. من أبدى صفحته للحق هلك 5... انظروا: فإن أنكرتم فأنكروا، وإن عرفتم فآزروا... وقلما أدبر شئ فأقبل. ولئن رجعت