بهذه الفريضة الإسلامية على وجهها، وهذه الغفلة وهذا التراخي حملاه على أن يذكر المسلمين بفريضة الأمر والنهي ما استطاع.
الثاني:
عنف الأسلوب الذي عبر به الإمام عن أفكاره وعن معاناته حين كان يوجه خطاباته إلى المسلمين في هذا الموقف أو ذاك مقرعا لائما، أو مشجعا حاثا لهم على أداء هذه الفريضة... وهو ما يكشف عن أن الإمام يعاني من قلق عميق وغضب مكبوت نتيجة لما يراه في المجتمع من إهمال. وتراخ.
* وقد حث الإمام المسلمين على الإلتزام العملي بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياتهم العامة وعلاقاتهم الاجتماعية والسياسية بأساليب متنوعة، ونظر إليها من زوايا متعددة.
ومن جملة الأساليب التي اتبعها في تعليمه الفكري والسياسي بالنسبة إلى هذه الفريضة أسلوب التنظير التاريخي، فمن ذلك قوله في الخطبة القاصعة:
وإن عندكم الأمثال من بأس الله وقوارعه، وأيامه ووقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه، وتهاونا ببطشه، ويأسا من بأسه، فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم، إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي، والحلماء لترك التناهي 1.
نلاحظ أن الإمام عبر في هذا النص، كما في نصوص أخرى - عن إنكاره بشأن ما يراه في مجتمعه من تهاون وتراخ في امتثال فريضة الأمر والنهي، بأسلوب شديد الوقع يتجاوز النصيحة الرقيقة الهادئة إلى الإنذار الشديد، والتحذير من أهوال كبرى مقبلة، واستعان على تصوير ذلك بالتذكير بما حل في القرن الماضي من اللعن نتيجة لإهماله هذه الفريضة أو تراخيه عن القيام بها.