فلا تلحوا قصيا في شراه، * ولوموا شيخكم إذ كان باعه فولي قصي البيت وأمر مكة والحكم، وجمع قبائل قريش، فأمر لهم بأبطح مكة، وكان بعضهم في الشعاب ورؤوس الجبال، فقسم منازلهم بينهم، فسمي مجمعا، وفيهم يقول الشاعر:
أبوكم قصي كان يدعى مجمعا، * به جمع الله القبائل من فهر وملكه قومه عليهم، فكان قصي أول من أصاب الملك من ولد كعب ابن لؤي، فلما قسم أبطح مكة أرباعا بين قريش، هابوا أن يقطعوا شجر الحرم ليبنوا منازلهم، فقطعها قصي بيده، ثم استمروا على ذلك.
وكان قصي أول من أعز قريشا، وظهر به فخرها، ومجدها، وسناها، وتقرشها، فجمعها، وأسكنها مكة، وكانت قبل متفرقة الدار، قليلة العز، ذليلة البقاع، حتى جمع الله ألفتها، وأكرم دارها، وأعز مثواها.
وكانت قريش كلها بالأبطح خلا بني محارب والحارث ابني فهر، ومن بني تيم بن غالب، وهو الأدرم، وبني عامر بن لؤي، فإنهم نزلوا الظواهر، ولما حاز قصي شرف مكة كلها، وقسمها بين قريش، واستقامت له الأمور، ونفى خزاعة، هدم البيت، ثم بناه بنيانا لم يبنه أحد، وكان طول جدرانه تسع أذرع، فجعله ثماني عشرة ذراعا، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل، وبنى دار الندوة. وكان لا ينكح رجل من قريش، ولا يتشاورون في أمر، ولا يعقدون لواء بالحرب، ولا يعذرون غلاما، إلا في دار الندوة، وكانت قريش في حياته، وبعد وفاته، يرون أمره كالدين المتبع، وكان أول من حفر بمكة بعد إسماعيل بن إبراهيم، فحفر العجول في أيام حياته، وبعد وفاته، ويقال انها في دار أم هانئ بنت أبي طالب.
وكان قصي أول من سمى الدابة الفرس، وكانت له دابة يقال لها