الأحابيش.... (1) وأم نوفل وأبي عمرو: واقدة بنت أبي عدي، وهو عامر بن عبد نهم من بني عامر بن صعصعة، ويقال ان هاشما وعبد شمس كانا توأمين، فخرج هاشم، وتلاه عبد شمس، وعقبه ملتصق بعقبه، فقطع بينهما بموسى، فقيل: ليخرجن بين ولد هذين من التقاطع ما لم يكن بين أحد.
وشرف هاشم بعد أبيه، وجل أمره، واصطلحت قريش على أن يولى هاشم بن عبد مناف الرئاسة والسقاية والرفادة، فكان إذا حضر الحج قام في قريش خطيبا، فقال: يا معشر قريش! انكم جيران الله وأهل بيته الحرام، وانه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته، فهم أضياف الله، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خيركم الله بذلك، وأكرمكم به، تم حفظ منكم أفضل ما حفظ جار من جاره، فأكرموا ضيفه وزواره، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح، وقد أعيوا وتفلوا، وقملوا، وارملوا، فأقروهم، وأغنوهم! فكانت قريش ترافد على ذلك.
وكان هاشم يخرج مالا كثيرا، ويأمر بحياض من أدم، فتجعل في موضع زمزم، ثم يسقى فيها من الآبار التي بمكة، فيشرب منها الحاج، وكان يطعمهم بمكة ومنى وعرفة وجمع، وكان يثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق، ويحمل لهم المياه، حتى يتفرق الناس إلى بلادهم، فسمي هاشما.
وكان أول من سن الرحلتين: رحلة الشتاء إلى الشأم ورحلة الصيف إلى الحبشة إلى النجاشي، وذلك أن تجارة قريش لا تعدو مكة، فكانوا في ضيق، حتى ركب هاشم إلى الشأم، فنزل بقيصر، فكان يذبح في كل يوم شاة، ويضع جفنة بين يديه، ويدعو من حواليه.
وكان من أحسن الناس وأجملهم، فذكر لقيصر، فأرسل إليه، فلما رآه، وسمع كلامه، أعجبه، وجعل يرسل إليه، فقال هاشم: أيها الملك إن لي قوما، وهم تجار العرب، فتكتب لهم كتابا يؤمنهم ويؤمن تجاراتهم، حتى .