المدينة لتكون عند أبيها وأهلها، ومعه ابنه عبد المطلب، فلما توفي أقامت بالمدينة.
وكان المطلب بن عبد مناف قد قام بأمر مكة بعد أخيه هاشم، فلما كبر عبد المطلب بلغ المطلب مكانه ووصف له حاله، ومر رجل من تهامة بالمدينة، فإذا غلمان يتناضلون، وإذا غلام فيهم إذا أصاب قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء! فقال له الرجل: من أنت يا غلام؟ قال: أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف. فانصرف الرجل، حتى قدم مكة فوجد المطلب بن عبد مناف جالسا في الحجر، فقال: يا أبا الحارث، علمت اني جئت من يثرب، فوجدت غلمانا يتناضلون. وقص عليه ما رأى من عبد المطلب قال:
وإذا أظرف غلام ما رأيته قط. قال المطلب: أغفلته، أما والله لا أرجع إلى أهلي حتى آتيه! فخرج المطلب حتى أتى المدينة عشاء، ثم خرج على راحلته حتى أتى بني عدي بن النجار، فلما نظر إلى ابن أخيه قال: هذا ابن هاشم؟
قال القوم: نعم! وعرف القوم المطلب، قالوا: هذا ابن أخيك، فإن أردت أخذه الساعة لاتعلم أمه، فإنها ان علمت حلنا بينك وبينه. فأناخ راحلته، ثم دعاه: يا ابن أخي! أنا عمك وقد أردت الذهاب بك إلى قومك، فاركب!
فما كذب عبد المطلب ان جلس على عجز الراحلة، وجلس المطلب على الرحل، ثم بعثها، فانطلقت، فلما علمت أمه علقت تدعو حربها، فأخبرت ان عمه ذهب به.
ودخل المطلب مكة، وهو خلفه، والناس في أسواقهم ومجالسهم، فقاموا يرحبون به، ويحيونه، ويقولون: من هذا معك؟ فيقول: عبدي ابتعته بيثرب، ثم خرج حتى أتى الحزورة، فابتاع له حلة، ثم أدخله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فلما كان العشي ألبسه، ثم جلس في مجلس بني عبد مناف، وأخبرهم خبره، وجعل بعد ذلك يخرج في تلك الحلة، فيطوف في سكك مكة، وكان أحسن الناس، فتقول قريش: هذا عبد المطلب!