يأتوا بما يستطرف من أدم الحجاز وثيابه، ففعل قيصر ذلك، وانصرف هاشم، فجعل كلما مر بحي من العرب أخذ من أشرافهم الايلاف أن يأمنوا عندهم وفي أرضهم، فأخذوا الايلاف من مكة والشام.
قال الأسود بن شعر الكلبي: كنت عسيفا لعقيلة من عقائل الحي اركب الصعبة والذلول، لا أليق مطرحا من البلاد أرتجي فيه ربحا من الأموال، إلا يرغب إليه من الشأم (1) بخرثيه، وأثاثه، أريد كبة العرب، فعدت، ودهم الموسم فدفعت إليها مسدفا، فحبست الركاب، حتى انجلى عني قميص الليل، فإذا قباب سامية مضروبة من أدم الطائف، وإذا جزر تنحر وأخرى تساق وإكلة وجبنة على الظهار... (2) ألا عجلوا! فبهرني ما رأيت، فتقدمت أريد عميدهم، وعرف رجل شأني، فقال: أمامك! فدنوت، فإذا رجل على عرش سام تحته نمرقة قد كار عمامة سوداء، وأخرج من ملاثمها جمة فينانة، كأن الشعرى تطلع من جبينه، وفي يده مخصرة، وحوله مشيخة جلة منكسو الأذقان، ما منهم أحد يفيض بكلمة، ودونهم خدم مشمرون إلى انصاف، وإذا برجل مجهر على نشز من الأرض ينادي:
يا وفد الله، هلموا الغداء! وانسيان على طريق من طعم يناديان: يا وفد الله!
من تغدى فليرجع إلى العشاء! وقد كان نمي إلي من حبر من أحبار اليهود:
ان النبي الأمي هذا أوان توكفه، فقلت: لأعرف ما عنده، يا نبي الله! فقال:
مه، وكأن قد له، فقلت لرجل كان إلى جانبي: من هذا؟ فقال: أبو نضلة هاشم بن عبد مناف، فخرجت، وأنا أقول: هذا والله المجد لا مجد آل جفنة، ومر مطرود بن كعب الخزاعي برجل مجاور في بني هاشم، وبنات له وامرأة في سنة شديدة، فخرج يحمل متاعه ورحله هو وولده وامرأته لا يؤويه أحد، فقال مطرود الخزاعي:
.