كشفت عن فخذها، فقالت: آداب عروس ترى؟ قال: دأب فاجرة، بظراء، غادرة. فقطعته الزباء، وركب قصير الفرس العصا ونجا.
ولما قتل جذيمة ملك مكانه ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم، فقال قصير لعمرو:
لا تعصني أنت! قال: قل ما بدا لك! قال: أجدع أنفي، واقطع أذني، وخلني! ففعل ذلك، فصار إلى الزباء، وقال: اني كنت من النصح لجذيمة على ما رأيت، ولعمرو ابن أخته، حتى ملكته، فكان جزائي عنده أن فعل بي ما ترين، فجئتك لأكون في خدمتك، ولعل الله أن يجري قتل عمرو على يدك.
ولم يزل يحتال لها حتى وجهته في تجارة فأتاها بأموال كثيرة مرة بعد مرة، فأعجبها ذلك، فوثقت به، فلما استحكمت ثقتها به صار إلى عمرو، فقال:
اقعد الرجال في الصناديق! فحمل أربعة آلاف رجل على ألفي جمل، معهم السيوف، ثم أدخلهم مدينتها، وفيهم عمرو، وفرق الصناديق في منازل أصحابها، وأدخل عدة منها دارها، فلما كان الليل خرجوا، وقتلوا الزباء وخلقا من أهل مملكتها. وملك عمرو بن عدي خمسا وخمسين سنة.
ثم ملك امرؤ القيس بن عمرو خمسا وثلاثين سنة.
ثم ملك أخوه الحارث بن عمرو سبعا وثمانين سنة.
ثم ملك عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي أربعين سنة.
ثم ملك المنذر بن امرئ القيس، وهو محرق، وإنما سمي محرقا لأنه أخذ قوما حاربوه، فحرقهم، فسمي لذلك محرقا.
ثم ملك النعمان، وهو الذي بنى الخورنق، فبينما هو جالس ينظر منه إلى ما بين يديه من الفرات وما عليه من النخل والأجنة والأشجار، إذ ذكر الموت، فقال: وما ينفع هذا مع نزول الموت وفراق الدنيا! فتنسك، واعتزل الملك، وإياه عنى عدي بن زيد حيث يقول: