وتفكر رب الخورنق إذ أشرف * يوما وللهدى تفكير سره حاله، وكثرة ما * يملك، والبحر معرض، والسدير فارعوى قلبه، وقال: وما غبطة * حي إلى الممات يصير؟
وملك بعده المنذر بن النعمان ثلاثين سنة.
ثم ملك عمرو بن المنذر، وهو الذي قتل الحارث بن ظالم عنده خالد بن جعفر بن كلاب، فنذر دمه، وطلبه، فطلب الحارث ابنه، وكان مسترضعا في آل سنان، فقتله.
ثم ملك عمرو بن المنذر الثاني، وهو ابن هند، وكان يلقب مضرط الحجارة، وكان قد جعل الدهر يومين: يوما يصيد فيه، ويوما يشرب، فإذا جلس لشربه أخذ الناس بالوقوف على بابه، حتى يرتفع مجلس شرابه، فقال فيه طرفة بن العبد:
فليت لنا مكان الملك عمرو * رغوثا، حول حجرتنا تخور قسمت الدهر في زمن رخي، * كذاك الدهر يعدل، أو يجور من الزمرات أسبل قادماها، * فضرتها مركنة درور لعمرك! إن قابوس بن هند * ليخلط ملكه نوك كثير لنا يوم، وللكروان يوم، تطير البائسات، ولا نطير فأما يومهن، فيوم سوء، * تطاردهن بالخسف الصقور وأما يومنا، فنظل ركبا، * وقوفا لا نحل، ولا نسير ولم يزل طرفة يهجوه ويهجو أخاه قابوسا، ويذكرهما بالقبيح، ويشبب بأخت عمرو، ويذكرها بالعظيم، فكان مما قال فيه:
إن شرار الملوك قد علموا * طرا، وأدناهم من الدنس