فنذر المنذر دمه، فهرب إلى الشأم إلى ملوك غسان، ثم اعتذر إلى المنذر يعشره الذي يقول فيه:
فإنك كالليل الذي هو مدركي، * وإن خلت أن المنتأى عنك واسع ويقول:
نبئت أن أبا قابوس أوعدني، * ولا قرار على زأر من الأسد وكان مع المنذر أهل بيت من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، وكان من أهل ذلك البيت عدي بن زيد العبادي، وكان خطيبا شاعرا قد كتب العربية والفارسية، وكان المنذر قد جعل عندهم ابنه النعمان، فأرضعوه، وكان في حجورهم، فكتب كسرى إلى المنذر أن يبعث له بقوم من العرب يترجمون الكتب له، فبعث بعدي بن زيد وأخوين له، فكانوا في كتابه يترجمون له، فلما مات المنذر قال كسرى لعدي بن زيد: هل بقي أحد من أهل هذا البيت يصلح للملك؟ قال: نعم! ان للمنذر ثلاثة عشر ولدا، كلهم يصلح لما يريد الملك، فبعث، فأقدمهم، وكانوا من أجمل أهل بيت المنذر، إلا ما كان من النعمان، فإنه كان أحمر أبرش قصيرا، فكان أهل بيت عدي بن زيد الذين ربوه، وأمه سبية يقال لها سلمى، يقال انها من كلب، فأنزلهم عدي بن زيد كل واحد على حدته، وكان يفضل اخوة النعمان عليه في النزل، ويريهم انه لا يرجوه، ويخلو بهم رجلا رجلا، ويقول لهم:
ان سألكم الملك هل تكفوني العرب؟ فقولوا له: لن نكفيكهم، إلا النعمان.
وقال للنعمان: ان سألك الملك عن إخوتك، فقل: ان عجزت عنهم، فأنا عن العرب أعجز.
وكان من بني المنذر رجل يقال له الأسود، وكانت أمه من بني الرباب، وكان من الرجال، وكان يحضنه أهل بيت من الحيرة يقال لهم بنو مرينا،