اليهود وقال: اني مخرب هذه البلدة، يعني المدينة، فقالت الأحبار وعظماء اليهود: إنك لا تقدر على ذلك! قال: ولم؟ قالوا: لأنها لنبي من بني إسماعيل يكون مخرجه من عند البيت المحرم، فخرج، وأخرج معه قوما من أحبار اليهود، فلما قرب من مكة أتاه نفر من هذيل، فقالوا له: ان هذا البيت الذي بمكة فيه أموال وكنوز وجوهر، فلو أتيته فأخذت ما فيه. وإنما أرادوا أن يفعل، فيهلكه الله. وقيل: إنما أشار عليه قوم أن يهدمه، ويحول حجارته إلى اليمن، فيبني بها هناك بيتا تعظمه العرب، فدعا تبع أحبار اليهود، فذكر ذلك لهم، فقالوا: ما نعلم لله بيتا في الأرض غير هذا البيت، وما أراده أحد بسوء إلا أهلكه الله.
واعترضته علة في ليلته، فقال له الأحبار: ان كنت أضمرت لهذا البيت مكروها، فارجع عنه، وعظمه، فرجع عما كان أضمر، فأذهب الله عنه العلة، فقتل من أشار عليه بهدمه، وطاف به وعظمه، ونحر، وحلق رأسه، ورأى في النوم ان اكسه، فكساه الخصف، فتجافى، فرأى في نومه ان اكسه، فكساه الملاء المعضد، وقال شعرا فيه:
وكسونا البيت الذي حرم الله * ملاء معضدا، وبرودا ونحرنا بالشعب ستة آلاف * ترى الناس نحوهن ورودا وأمرنا أن لا تقرب للكعبة * ميتا، ولا دما مصفودا ثم طفنا بالبيت سبعا وسبعا، وسجدنا عند المقام سجودا وأقمنا فيه من الشهر سبعا، وجعلنا لبابه إقليدا ثم رجع إلى اليمن ومعه الأحبار من اليهود، فتهود هو وقومه، وكان ملكه ثمانيا وسبعين سنة.
ثم تفرقت ملوك قحطان، وملكوا أقواما متفرقين منهم: عمرو بن تبع، ثم نزعوه، وملكوا مرثد بن عبد كلال أخا تبع لامه، فأقام أربعين سنة.