ضع ناري! فنزل بقوم من طئ ثم لم يزل ينتقل في طئ مرة، وفي جديلة مرة وفي نبهان مرة، حتى صار إلى تيماء، فنزل بالسموأل بن عادياء، فسأله أن يجيره، فقال له: أنا لا أجير على الملوك، ولا أطيق حربهم، فأودعه أدراعا، وانصرف عنه يريد ملك الروم، حتى صار إلى قيصر ملك الروم، فاستنصره، فوجه معه تسعمائة من أبناء البطارقة.
وكان امرؤ القيس قد مدح قيصر فسار الطماح الأسدي إلى قيصر فقال له:
ان امرأ القيس شتمك في شعره وزعم انك علج أغلف. فوجه قيصر إلى امرئ القيس بحلة قد نضح فيها السم، فلما ألبسها تقطع جلده وأيقن بالموت فقال:
تأوبني دائي القديم فغلسا، * أحاذر أن يزداد دائي، فأنكسا لقد طمح الطماح، من بعد أرضه * ليلبسني من دائه ما تلبسا فلو أنها نفس تموت جميعة، ولكنها نفس تساقط أنفسها وهذه الأبيات في قصيدة له طويلة. وقال أيضا في حاله تلك:
ألا أبلغ بني حجر بن عمرو * وأبلغ ذلك الحي الحريدا بأني قد بقيت بقاء نفس، * ولم أخلق سلاما أو حديدا ولو أني هلكت بأرض قومي * لقلت الموت حق لا خلودا ولكني هلكت بأرض قوم، * سحيقا، من دياركم، بعيدا بأرض الشأم لا نسب قريب، * ولا شاف فيسعف أو يجودا ومات امرؤ القيس بأنقره من أرض الروم.