رضي الله عنه حين حصر فوجدته يقرأ في المصحف، فقلت: أتقرأ في المصحف وأنت أقرأ الناس ظاهرا؟! قال: يا ابن عباس ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أوعك له، ثم أنا وما دعوتك له؟ قلت: بلى. فحدثني فرب حديث حسن قد حدثتنيه.
قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما ماتت ابنته الأخرى فنظر إلى فراشي من أدم فدمعت عينه، فقلت: والذي بعثك بالحق ما اضطجعت عليه أنثى بعد ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: إنه لم يك منك ما رأيت، لهذا قد علمت أن الميراث للوارث، والميت للتراب، ولو أن عندي عشرا زوجتكهن، وإني عنك لراض.
قلت: صدقت، لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه عنك لراض، فما الذي دعوتني له؟ قال: تكفيني نفسك وابن عمك، فلا أتهمكما ولا يتهمكما من بعدي. قلت: أما أنا فسأكفيك نفسي، وأما ابن عمي فمرني بما شئت أبلغه. قال: تأمره أن يلحق بما له بينبع. قلت: نعم، فلقيت عليا فأبلغته، فخرج إلى ينبع:
واغتنم طلحة غيبته ورحل.... (1).
يقولان: والله لنقتلنه. فرجع إلى أصحابه فقال: ما كنت أرى الناس بلغ أمرهم في هذا، وكتب إلى علي رضي الله عنه: أما بعد فقد بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الكتفين، وارتفع أمر الناس في أمري فوق قدره، وطمع في من لم يدفع عن نفسه، وإنك لم يفخر عليك كفاخر * ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب (2)