من حسان تبع، كما نذكره إن شاء الله تعالى في خبر اليمامة، أفضى به الهرب حتى لحق بالجبلين قبل أن ينزلهما طيئ، وكانت طيئ تنزل الجوف من أرض اليمن، وهي اليوم محلة همدان ومراد، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوث بن طيئ وكان الوادي مسبعة وهم قليل عددهم فجعل ينتابهم بعير في زمن الخريف يضرب في إبلهم، ولا يدرون أين يذهب، إلا أنهم لا يرونه إلى قابل، وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام سيل العرم فاستو حشت طيئ لذلك وقالت: قد ظعن إخواننا وساروا إلى الأرياف، فلما هموا بالظعن، قالوا لأسامة: إن هذا البعير الذي يأتينا إنما يأتينا من بلد ريف وخصب وإنا لنرى في بعره النوى، فلو إنا نتعهده عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكانا خيرا من مكاننا. فلما كان الخريف جاء البعير فضرب في إبلهم، فلما انصرف تبعه أسامة بن لؤي بن الغوث وحبة بن الحارث بن فطرة بن طيئ فجعلا يسيران بسير الجمل وينزلان بنزوله، حتى أدخلهما باب أجإ، فوقفا من الخصب والخير على ما أعجبهما، فرجعا إلى قومهما فأخبراهم به فارتحلت طيئ بجملتها إلى الجبلين، وجعل أسامة بن لؤي يقول:
اجعل ظريبا كحبيب ينسى، لكل قوم مصبح وممسى وظريب اسم الموضع الذي كانوا ينزلون فيه قبل الجبلين، قال فهجمت طيئ على النخل بالشعاب على مواش كثيرة، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب وهو الأسود بن غفار، فهالهم ما رأوا من عظم خلقه وتخوفوه، فنزلوا ناحية من الأرض فاستبرؤوها فلم يروا بها أحدا غيره. فقال أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث: يا بني إن قومك قد عرفوا فضلك في الجلد والبأس والرمي، فاكفنا أمر هذا الرجل، فإن كفيتنا أمره فقد سدت قومك آخر الدهر، وكنت الذي أنزلتنا هذا البلد. فانطلق الغوث حتى أتى الرجل، فسأله، فعجب الأسود من صغر خلق الغوث، فقال له:
من أين أقبلتم؟ فقال له: من اليمن. وأخبره خبر البعير ومجيئهم معه، وأنهم رهبوا ما رأوا من عظم خلقه وصغر هم عنه، فأخبرهم باسمه ونسبه. ثم شغله الغوث ورماه بسهم فقتله، وأقامت طيئ بالجبلين وهم بهما إلى الآن. وأما أسامة بن لؤي وابنه الغوث هذا فدرجا ولا عقب لهما.
الأجاءة: أجاءة بدر بن عقال فيها بيوت من متن الجبل ومنازل في أعلاه عن نصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
أجارد: بفتح أوله كأنه جمع أجرد، قال أبو محمد الأعرابي: أجارد بفتح أوله لا بضمه في بلاد تميم، قال اللعين المنقري:
دعاني ابن أرض يبتغي الزاد، بعدما ترامى حلامات به وأجارد ومن ذات أصفاء سهوب، كأنها مزاحف هزلى، بينها متباعد وذكر أبياتا وقصة ذكرت في حلامات.
أجارد: بالضم، أفاعل، من جردت الشئ فأنا أجارد.
ومثله ضربت بين القوم فأنا أضارب: اسم موضع في بلاد عبد القيس، عن أبي محمد الأسود. وفي كتاب نصر، أجارد: واد ينحدر من السراة على قرية مطار لبني نصر، وأجارد أيضا: واد من أودية كلب، وهي أودية كثيرة تنشل من الملحاء، وهي رابية منقادة