أم هل لياليك ذات البين عائدة، أيام يجمعنا خلص فبلدود؟
البلدة: في قوله تعالى: بلدة طيبة ورب غفور، قالوا: هي مكة. وبلدة: من مدن ساحل بحر الشام قريبة من جبلة من فتوح عبادة بن الصامت، ثم خربت وجلا أهلها فأنشأ معاوية جبلة، وكانت حصنا للروم، قال ذلك البلاذري.
بلدة: مدينة بالأندلس من أعمال رية وقيل من أعمال قبرة، منها أبو عثمان سعيد بن محمد بن سيد أبيه بن يعقوب الأموي البلدي، كان من الصالحين متقشفا يلبس الصوف، رحل إلى المشرق في سنة 350 ودخل مكة في سنة 351، ولقي أبا بكر محمد ابن الحسين الآجري وقرأ عليه جملة من تأليفه ولقي أبا الحسن محمد بن نافع الخزاعي قرأ عليه فضائل الكعبة من تأليفه، وسمع بمصر الحسن بن رشيق وضمرة بن محمد الكناني وغيرهما، وكان لقي بالقيروان علي بن مسرور وتميم بن محمد، قال ابن بشكوال:
وكان مولده في سنة 328 ومات سنة 397.
بلرم: بفتح أوله وثانيه، وسكون الراء، وميم، معناه بكلام الروم المدينة: وهي أعظم مدينة في جزيرة صقلية في بحر المغرب على شاطئ البحر، قال ابن حوقل: بلرم مدينة كبيرة سورها شاهق منيع مبني من حجر وجامعها كان بيعة وفيها هيكل عظيم، وسمعت بعض المنطقيين يقول: إن أرسطوطاليس معلق في خشبة في هيكلها، وكانت النصارى تعظم قبره وتستشفي به لاعتقاد اليونان فيه، فعلقوه توسلا إلى الله به، قال: وقد رأيت خشبة في هذا الهيكل معلقة يوشك أن يكون فيها، قال: وفي بلرم والخالصة والحارات المحيطة بها ومن وراء سورها من المساجد نيف وثلاثمائة مسجد، وفي محال كانت تلاصقها وتتصل بها وبوادي عباس مجاورة المكان المعروف بالمعسكر، وهو في ضمن البلد إلى المنزل المعروف بالبيضاء قرية تشرف على المدينة من نحو فرسخ مائتا مسجد، قال. وقد رأيت في بعض الشوارع من بلرم على مقدار رمية سهم عشرة مساجد بعضها تجاه بعض وبينها عرض الطريق فقط، فسألت عن ذلك فقيل لي: إن القوم لشدة انتفاخ رؤوسهم وقلة عقولهم يحب كل واحد منهم أن يكون له مسجد على حدة لا يصلي فيه غيره ومن يختص به، وربما كان أخوان وداراهما متلاصقتان وقد عمل كل واحد منهما مسجدا لنفسه خاصا به يتفرد به عن أخيه والأب عن ابنه، قال: ومدينة بلرم مستطيلة وسوقها قد أخذ من شرقها إلى غربها، وهو سوق يعرف بالسماط مفروش بالحجارة، وتطيف بالمدينة عيون من شرقها إلى غربها، وماؤها يدير رحى، وشرب بعض أهلها من آبار عذبة وملحة على كثرة المياه العذبة الجارية عندهم والعيون، والذي يحملهم على ذلك قلة مروءتهم وعدم فطنتهم وكثرة أكلهم البصل، فذاك الذي أفسد أدمغتهم وقلل حسهم، وذكر يوسف بن إبراهيم في كتاب أخبار الأطباء: قال بعض الأطباء وقد قال له رجل إني إذا أكلت البصل لا أحس بملوحة الماء، فقال: إن خاصية البصل إفساد الدماغ فإذا فسد الدماغ فسدت الحواس، فالبصل إنما يقلل حسك لملوحة الماء لما أفسد من الدماغ، قال:
ولهذا لا ترى في صقلية عالما ولا عاقلا بالحقيقة بفن من العلوم ولا ذا مروءة ودين بل الغالب عليهم الرقاعة والضعة وقلة العقل والدين، وقال أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن قلاقس الإسكندري: