الساعات، ولذلك سميت الرعناء، قال الفرزدق:
لولا أبو مالك المرجو نائله ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا وقد وصف هذه الحال ابن لنكك فقال:
نحن بالبصرة في لو ن من العيش ظريف نحن، ما هبت شمال، بين جنات وريف فإذا هبت جنوب فكأنا في كنيف وللحشوش بالبصرة أثمان وافرة، ولها فيما زعموا تجار يجمعونها فإذا كثرت جمع عليها أصحاب البساتين ووقفهم تحت الريح لتحمل إليهم نتنها فإنه كلما كانت أنتن كان ثمنها أكثر، ثم ينادى عليها فيتزايد الناس فيها، وقد قص هذه القصة صريع الدلاء البصري في شعر له ولم يحضرني الآن، وقد ذمتها الشعراء، فقال محمد بن حازم الباهلي:
ترى البصري ليس به خفاء، لمنخره من البثر انتشار ربا بين الحشوش وشب فيها، فمن ريح الحشوش به اصفرار يعتق سلحه، كيما يغالي به عند المبايعة التجار وقال أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي:
لهف نفسي على المقام ببغداد، وشربي من ماء كوز بثلج نحن بالبصرة الذميمة نسقى، شر سقيا، من مائها الأترنجي أصفر منكر ثقيل غليظ خاثر مثل حقنة القولنج كيف نرضى بمائها، وبخير منه في كنف أرضنا نستنجي وقال أيضا:
ليس يغنيك في الطهارة بال بصرة، إن حانت الصلاة، اجتهاد إن تطهرت فالمياه سلاح، أو تيممت فالصعيد سماد وقال شاعر آخر يصف أهل البصرة بالبخل وكذب عليهم:
أبغضت بالبصرة أهل الغنى، إني لأمثالهم باغض قد دثروا في الشمس أعذاقها، كأن حمى بخلهم نافض ذكر ما جاء في مدح البصرة كان ابن أبي ليلى يقول: ما رأيت بلدا أبكر إلى ذكر الله من أهل البصرة، وقال شعيب بن صخر:
تذاكروا عند زياد البصرة والكوفة فقال زياد: لو ضلت البصرة لجعلت الكوفة لمن دلني عليها، وقال ابن سيرين: كان الرجل من أهل البصرة يقول لصاحبه إذا بالغ في الدعاء عليه: غضب الله عليك كما غضب على المغيرة وعزله عن البصرة وولاه الكوفة، وقال ابن أبي عيينة المهلبي يصف البصرة:
يا جنة فاقت الجنان، فما يعدلها قيمة ولا ثمن