الحسن عمن حدثه ان أبا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضي أبى عمر محمد ابن يوسف فأملى يوما على الغلام ثلاثين مسألة في اللغة وختمها ببيتين، وحضر ابن دريد وابن الأنباري وأبو بكر بن مقسم عند القاضي فعرض عليهم المسائل فقال ابن الأنباري: انا مشغول بتصنيف " مشكل القرآن " وقال ابن مقسم - فذكر اشتغاله بالقراءات، فقال ابن دريد: هي من وضع أبى عمر ولا أصل لشئ منها في اللغة. فبلغ أبا عمر فسأل القاضي احضار دواوين جماعة عينهم له ففتح خزائنه وأخرج تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدا ويعرضه على القاضي حتى تممها، ثم قال: والبيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي وكتبهما القاضي على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب فوجدهما وانتهى الخبر إلى ابن دريد فما ذكر أبا عمر بلفظة حتى مات.
ثم قال رئيس الرؤساء: وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر ونسب إلى الكذب فيها مدونة في كتب أئمة العلم وخاصة في غريب التصنيف (؟) لأبي عبيد - أو كما قال.
وسمعت عبد الواحد بن برهان قال: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبى عمر الزاهد. قال: وله غريب الحديث الفه على مسند أحمد. ولليشكري في أبى عمر قصيدة منها:
فلو انني أقسمت ما كنت كاذبا * بأن لم ير الراؤون حبرا يعادله إذا قلت شارفنا أواخر علمه * تفجر حتى قلت هذى أوائله ولد أبو عمر سنة إحدى ومائة، ومات في ذي القعدة سنة