وقال أبو الحسن المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد، عبد الرحمان ابن أم برثن، ثم غضب عليه. فعزله وأغرمه مئة ألف، فخرج إلى يزيد. فذكر عبد الرحمان: أنه لما صار من دمشق على مرحلة، قال: فنزلت وضرب لي خباء وحجرة، فإني لجالس، إذا كلب سلوقي. قد دخل في عنقه طوق من ذهب يلهث، فأخذنه وطلع رجل على فرس، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أن توافت الخيل، فإذا هو يزيد بن معاوية، فقال لي بعد ما صلى: من أنت؟ وما قصتك؟ فأخبرته فقال: إن شئت كتبت لك من مكانك، وإن شئت دخلت، قلت: بل تكتب لي من مكاني، فأمر فكتب لي إلى عبيد الله بن زياد: أن رد عليه مئة ألف، فرجعت قال:
وأعتق عبد الرحمان يومئذ في المكان الذي كتب له فيه الكتاب ثلاثين مملوكا، وقال لهم: من أحب أن يرجع معي فليرجع، ومن أحب أن يذهب فليذهب. وكان عبد الرحمان نبالة. قال: ورمى غلاما له يوما بسفود، فأخطأ الغلام، وأصاب رأس ابنه، فنثر دماغه، فخاف الغلام حين قتل عبد الرحمان ابنه بسببه أن يقتله، فدعاه فقال: يا بني اذهب فأنت حر، فما أحب أن ذلك كان بك، لأني رميتك متعمدا، فلو قتلتك هلكت، وأصبت ابني خطأ، ثم عمي عبد الرحمان بعد ومرض. فدعا الله في مرضه ذلك، أن لا يصلي عليه الحكم، ومات من مرضه، وشغل الحكم ببعض أموره فلم يصل عليه، وصلى عليه