خالد: يا أعرابي: ما أدري من أي أمريك أعجب؟! فقال له: أصلح الله الأمير: إنك لما جعلت المسألة إلي سألتك على قدرك وما تستحقه في نفسك. فلما سألتني أن أحط حططتك على قدري وما أستأهله في نفسي. فقال له خالد: والله يا أعرابي لا تغلبني، يا غلام مئة ألف، فدفعها إليه.
وقال زكريا بن يحيى المنقري، عن الأصمعي: دخل أعرابي على خالد بن عبد الله في يوم مجلس الشعراء عنده وقد كان قال فيه بيتي شعر امتدحه بهما، فلما سمع قول الشعراء صغر عنده ما قال، فلما انصرف الشعراء بجوائزهم بقي الأعرابي، فقال له خالد: ألك حاجة؟ تكلم بها. فقال: أصلح الله الأمير، إني كنت قلت بيتي شعر فلما سمعت قول هؤلاء الشعراء صغر عندي ما قلت، فقال: لا يصغرن عندك، فقل.
فأنشأ يقول:
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني * وأعطيتني حتى ظننتك تلعب فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى * حليف الندى ما للندى عنك مذهب فقال: سل حاجتك. فقال: علي من الدين خمسون ألفا. قال:
قد أمرت لك بها وشفعتها بمثلها. فأمر له بمئة ألف وقال أبو بكر ابن دريد. عن عبد الأول بن يزيد، عن أبيه، عن الهيثم بن عدي: كان خالد بن عبد الله القسري يقول: لا يحتجب الوالي إلا لثلاث خصال، إما رجل عيي فهو يكره أن يطلع الناس على عيه، وإما رجل يشتمل على سوءة فهو يكره أن يعرف الناس ذلك، وإما رجل بخيل يكره أن يسأل.