قال: كان خالد بن عبد الله يكثر الجلوس، ثم يدعو بالبدر (1) ويقول: إنما هذه الأموال ودائع لا بد من تفريقها. فقال ذلك مرة وقد وفد عليه أسد بن عبد الله - يعني أخاه - من خراسان فقام، فقال: هاه أيها الأمير، إن الودائع إنما تجمع لا تفرق. قال: ويحك إنها ودائع للمكارم وأيدينا وكلاؤها فإذا أتانا المملق فأغنيناه والظمآن فأرويناه، فقد أدينا فيه الأمانة.
وحكي عن الأصمعي، قال: دخل أعرابي على خالد بن عبد الله القسري فقال: أصلح الله الأمير إني قد امتدحتك بيتين ولست أنشدكهما إلا بعشرة آلاف وخادم، فقال له خالد: قل. فأنشأ يقول:
لزمت " نعم " حتى كأنك لم تكن * سمعت من الأشياء شيئا سوى " نعم " وأنكرت " لا " حتى كأنك لم تكن * سمعت بها في سالف الدهر والأمم فقال خالد: يا غلام عشرة آلاف وخادما. فحملها.
قال: ودخل عليه أعرابي فقال: إني قد قلت فيك شعرا وأنشأ يقول:
أخالد إني لم أزرك لحاجة * سوى أنني عاف وأنت جواد أخالد إن (2) الاجر والحمد حاجتي * فأيهما تأتي وأنت عماد فقال له خالد: سل يا أعرابي. قال: قد جعلت المسألة إلي أصلح الله الأمير، مئة ألف درهم، قال: أكثرت يا أعرابي. قال: فأحطك أصلح الله الأمير؟ قال: نعم. قال: قد حططتك تسعين ألفا. فقال له