الملك بن مروان تكلم قال عما أتكلم وقد علمت أن كل كلام يتكلم به المتكلم عليه (1) إلا ما كان لله فبكى عبد الملك ثم قال يرحمك الله لم يزل الناس يتواعظون ويتواصون قال الرجل يا أمير المؤمنين إن للناس في القيامة جولة لا ينجو من غصص مرارتها ومعانية الردى فيها إلا من أرضى الله بسخط نفسه قال فبكى عبد الملك وقال لا جرم لأجعلن هذه الكلمات مثالا نصب عيني ما عشت أبدا 9148 شاب له قصة مع عبد الملك بن مروان قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن مسلم عنه أخبرني أبو الحسين عبد الرحمن بن أحمد بن معاذ بمصر أنا أبو العباس أحمد بن محمد البغوي انا أبو الطيب أبن الوشاء محمد بن إسحاق بن يحيى بن الأعرابي انا أحمد بن عبيد عن هشام بن محمد الكلبي قال بينا عبد الملك بن مروان بالغوطة إذا هو بشاب على فرس يكلمه من جانب الحرة الآخر يا أمير المؤمنين إني شاب مملق (2) ذو عيال فأعني فقال له عبد الملك إني أرى لك شارة وهيئة فهل رويت من الشعر شيئا قال نعم قال فما رويت قول الشاعر (3) * اعص العواذل وارم الليل عن عرض * بذي سنين تقاسي ليله حلبا!
حتى يمول أو حتى يقال فتى (4) * لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا * قال بلى قد كنت رويتها ولكني أنسيتها ثم ضرب وجه فرسه ومضى فقال عبد الملك اطلبوه فإني أحسبه قد عزم على شئ فطلب فلم يوجد ولم يلبث عبد الملك أن خرج خارجي أسعر الأرض شرا وألزمه غرما ثقيلا ثم كتب إليه يا أمير المؤمنين أنا الشاب صاحب الغوطة قبلت قولك في الشر فكتب إليه بأمانة وأكد له في ضمانه فقدم إليه فكان من جملة أصحابه 9149 رجل من شعراء البادية وفد على عبد الملك بن مروان