فبعث أهل حصن لم يأته المسلمون بعد إلى أمير عسكر من تلك العساكر أن آمنوا أهل حصن كذا على أن تكفوا عنهم حتى ترجعوا من غزاتكم هذه على ألف دينار. وتراضوا على هذا، فليس للعسكرين الباقيين ولا لغيرهم ممن يدخل من دار الاسلام أن يغيروا عليهم، حتى ترجع العسكر الثلاثة إلى دار الاسلام.
لان هذا الأمان نافذ في حق جماعة المسلمين. ولم يكن مقصود أهل الحصن بهذا أن يأمنوا جانب العسكر المبعوث إليهم خاصة، فإنهم لم ينزلوا بساحتهم بعد، بل (1) خوفهم منهم ومن العسكرين الآخرين ومن جميع المسلمين بصفة واحدة، فعرفنا أن مقصودهم من بذل المال إزالة هذا الخوف من أنفسهم إلى غاية، وهو خروج العسكر، وذلك إنما يحصل إذا علم الأمان كافة المسلمين، فليس لأحد أن يغير عليهم إلا بعد النبذ ورد الدنانير.
747 بخلاف ما إذا دنا العسكر المبعوث إليهم من الحصن حتى حاصروهم، أو كانوا قريبا منهم. فإن هناك مقصودهم الامن من جانبهم (2) خاصة.
لانهم صاروا محصورين مقهورين من جهتهم. وقد بينا أن مطلق الكلام يتقيد بالمقصود، فلهذا كان للعسكرين الباقيين أن يقاتلوهم من غير نبذ.
ألا ترى أنه لو كان أمير الشام أو الخليفة أو ولى العهد مع أحد العساكر الثلاثة، فأرسلوا إليه أن آمنوا على أن تكفوا عنا حتى ترجعوا من غزاتكم ففعل، أن ذلك على العساكر كلها، وعلى جميع أهل الحرب أيضا، حين