شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في وثاق الأسر: هذا لا يصلح. قال: لم؟ قال: لان الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين. وقد أنجزها لك فارجع سالما.
فهذا دليل على حسن إسلامه في ذلك الوقت. ومع ذلك أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفداء. وفيه نزل قوله تعالى:
(يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) الآية (1).
768 فإن قال: لا أسلم، ولكن أكون ذمة لكم. فللامام أن لا يعطيه ذلك ويقتله.
لأنه صار مأخوذا مقهورا. وقد بينا أنه لا يفترض الإجابة إلى إعطاء الذمة في حق مثله.
769 فإن كان حين أخذه المسلمون خافوا أن يسلم فكعموه - أي سدوا فمه، والكعام اسم لما يسد به الفم -.
أو ضربوه حتى يشتغل بالضرب فلا يسلم، فقد أساءوا في ذلك.
لان فعلهم في صورة المنع عن الاسلام لمن يريد الاسلام، وذلك لا رخصة فيه. ولكنهم إن كعموه كي لا ينفلت ولم يريدوا به أن يمنعوه من الاسلام فهذا لا بأس به، لقوله تعالى (حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) (2)

(1) سورة الأنفال، 8، الآية 67.
(2) سورة محمد، 47، الآية 4.
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»