شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٩
لانهم قالوا: هذه السنة، واثنا عشر شهرا مدة سنة منكرة لا سنة معرفة. ألا ترى أنه لو قال: لله على صوم سنة ينصرف نذره إلى سنة كاملة؟
ولو قال: صوم السنة ينصرف إلى بقية السنة ومضيها انقضاء ذي الحجة.
737 وإن قالوا: عنينا هذه السنة إلى انصرافكم من صائفتكم، لم يلتفت إلى ذلك.
لانهم ادعوا ما هو خلاف الظاهر (1). فان الظاهر ما يسبق إلى الافهام، والذي يسبق إلى الافهام من ذكر السنة المدة دون الانصراف، إلا أن ذلك محتمل أيضا.
738 فإن بينوا في الصلح فهو على ما بينوا. وإن قالوا: على أن تؤمنونا سنة، فهذا على اثنا عشرا من وقت الصلح.
لانهم ذكروا سنة منكرة، وذلك اثنا عشر شهرا. قال الله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) (2) يعنى شهور السنة.
739 ولو قالوا: نصالحكم على أن تؤمنونا على ألف دينار، ولم يوقتوا وقتا، فهذا على خروجهم إلى دار الاسلام.
لان مطلق الكلام يتقيد بدلالة الحال وبما يعلم من مقصود المتكلم، وبعد ما أحاطت بهم السرية يعلم أن مقصودهم بهذا الصلح الامن من الخوف الذي نزل بهم، وإنما يتم ذلك بخروج السرية إلى دار الاسلام. فكأنهم صرحوا بهذا وقالوا: آمنونا حتى تخرجوا إلى دار الاسلام.

(1) ه‍ " ادعوا خلاف ما هو الظاهر ".
(2) سورة التوبة، 9، الآية 36.
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»