شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٠
" وبرئت منكم الذمة (1) إن كتمتموني شيئا " فقبلوا ذلك. ثم ظهر ذلك عليهم فاستخار قتلهم واسترقاقهم.
وقد بينا قصة ذلك.
وقد روى أن رجلا من المشركين بعد وقعة أحد حين رجع الجيش ضل الطريق، فدخل المدينة، وجاء إلى بيت عثمان بن عفان رضي الله عنه سرا. وكان بينهما قرابة. فأتى عثمان النبي صلى الله عليه وسلم وسأل له الأمان.
فقال: " قد آمناه على أنا إن أدركناه بعد ثالثة فقد حل دمه ". فخرج الرجل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اطلبوه، فإني أرجو أن تجدوه ".
فوجدوه بعد ثالثة، قد (2) سلط الله عليه النوم. فأخذ فقتل.
فبهذا تبين أن الشرط المنصوص عليه في الأمان معتبر وإن كان ذلك يرجع إلى النبذ وإباحة القتل.
827 - ولو أسلم بعضهم وأبى البعض كان من أسلم منهم حرا لا سبيل عليه، ومن أبى الاسلام فهو فئ اعتبارا للبعض بالكل.
وهذا لان الجميع المضاف إلى جماعة يتناول كل واحد منهم على الانفراد (3) بدليل قوله تعالى (جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم) (4) فكان هذا بمنزلة ما لو شرطنا على كل واحد منهم: إنك إن أبيت الاسلام فلا أمان بيننا وبينك.
828 - وكذلك لو أن واحدا من المحصورين قال: آمنوني على أن أنزل إليكم فأسلم. ثم أبى أن يسلم، يرد إلى حصنه.

(1) في هامش ق " ذمة الله ".
(2) ص، ه‍ " فقد ".
(3) ق، ه‍ " على الانفراد ".
(4) سورة نوح، 71، الآية 7.
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»