شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٧
يدل. فسواء وفى بما قال أو لم يف كان هو في أمان من المسلمين فيبلغوه مأمنه.
فإن قال المسلمون: إنما آمناه على أن يدلنا ولم يف بالشرط، قيل لهم: إنه لم يقل لكم إني إن لم أدلكم فلا أمان بيني وبينكم.
وهذا تنصيص من محمد، رحمه الله، على أن مفهوم الشرط ليس بحجة، وهو المذهب عندنا. وقد حكاه الكرخي عن أبي يوسف رحمه الله في قوله تعالى (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد) (1) أنه لا يدل على أنه لا يدرأ عنها العذاب إن لم تشهد. وقال تعالى (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة) (2).
وهذا لا يدل على أنها إذا أتت بالفاحشة ولم تحصن أنه لا يلزمها ذلك العذاب. وهذا لان مفهوم الشرط كمفهوم الصفة. وذلك ليس بحجة. قال الله تعالى (وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك) (3) ثم لم يدل على حرمة (4) اللاتي لم يهاجرن معه. وقال تعالى (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) (5) وهذا لا يدل على إباحة الظلم في غير الأشهر (6) الحرم. فكذلك قولهم: آمناك على أن تدلنا لا يكون دليلا على أنه لا أمان لك إن لم تدلنا، لان ذلك محتمل، والمحتمل لا يعارض المنصوص ولا يدفع حكمه، إلا أن ينص فيقول: على أنى إن لم أدلكم عليهم فلا أمان بيني وبينكم. فحينئذ هذا نص يصلح معارضا لذلك النص. وفى النبذ حل القتل والاسترقاق وذلك من باب الاطلاق يحتمل التعليق

(1) سورة النور، 24، الآية 8 (2) سورة النساء، 4، الآية 25 (3) سورة الأحزاب، 33، الآية 50.
(4) ب " عدم حرمة ".
(5) سورة التوبة، 9، الآية 36.
(6) ب " أشهر ".
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»