حسدا شديدا، وكان مفتنا، فكان إذا نظر إلى رجل يحفظ الفقه سأله عن الحديث، فإذا رآه يحفظ الحديث سأله عن النحو، فإذا رآه يعلم النحو سأله عن الكلام، ليقطعه ويخجله. فدخل إليه رجل من أهل خراسان ذكي حافظ فناظره فرآه متقنا فقال له:
نظرت في الحديث؟ قال: نعم! قال: فما تحفظ من الأصول؟ قال: أحفظ، شريك عن أبي إسحاق عن الحارث أن عليا رجم لوطيا. فأمسك فلم يكلمه بشئ.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، حدثنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن المأمون، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، حدثني محمد بن مرزبان، حدثني علي بن مسلم الكاتب قال: دخل على يحيى بن أكثم ابنا مسعدة - وكانا على نهاية الجمال - فلما رآهما يمشيان في الصحن أنشأ يقول:
يا زائرينا من الخيام * حيا كما الله بالسلام لم تأتياني وبي نهوض * إلى حلال ولا حرام يحزنني أن وقفتماني * وليس عندي سوى الكلام ثم أجلسهما بين يديه وجعل يمازحهما حتى انصرفا.
قال أبو بكر: وسمعت غير ابن المرزبان من شيوخنا يحكي أن يحيى عزل عن الحكم بسبب هذه الأبيات التي أنشدنا لما دخل عليه ابنا مسعدة.
حدثني الصوري، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع النسائي، حدثنا أبو روق الهزاني قال: أنشد أبو صخرة الرياشي في يحيى بن أكثم:
أنطقني الدهر بعد إخراس * لنائبات أطلن وسواسي يا بؤس للدهر لا يزال كما * يرفع من ناس يحط من ناس لا أفلحت أمه وحق لها * بطول نكس وطول إتعاس ترضى بيحيى يكون سائسها * وليس يحيى لها بسواس قاض يري الحد في الزناء ولا * يرى على من يلوط من باس يحكم للأمرد الغرير على * مثل جرير ومثل عباس فالحمد لله كيف قد ذهب ال * - عدل وقل الوفاء في الناس أميرنا يرتشي وحاكمنا * يلوط والرأس شر ما رأس لو صلح الدين واستقام لقد * قام على الناس كل مقياس لا أحسب الجور ينقصني وعلى ال - * - أمة قاض من آل عباس