فأخذها مني بعض الفقراء وضرب بها الأرض فتفتت وانا أنظر إليها، فقلت نعم يا سيدي لم تطلعني على سبب مجاري الأرزاق الا بعد حلق رأسي ولحيتي.
(7749) أبو جعفر بن الكرنبي الصوفي:
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم وذكر أبا جعفر بن الكرنبي وهو من صوفية البغداديين، فرفع منه جدا وقال: فاق أقرانه في الاجتهاد وكثرة الأوراد، تأدب أكثر نساك بغداد بآدابه وتوارثوا منه شريف الآداب وحميد الأخلاق.
قال لنا أبو نعيم: وحدثني أبو مقسم عن جعفر الخلدي قال: ذهب الجنيد إليه يوما بصرة دراهم عرضها عليه، فأبى بن الكرنبي أن يأخذها منه، وذكر غناه عنها. فقال له الجنيد: إن وجدت غنى عنها ففي أخذها سرور رجل مسلم فأخذها.
قال أبو نعيم: وكان بن الكرنبي من تلامذة أبي عبد الله البراثي.
أخبرنا عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت الجريري يقول: سمعت بن الكرنبي يقول: إن الفقير الصادق ليحذر من الغنى فيفسد عليه فقره كما أن الغني يحذر من الفقر حذرا أن يدخل عليه فيفسد غناه عليه.
أخبرنا الأزهري، حدثنا محمد بن الحسن النقاش، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر بن أحمد البجلي المقرى قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن بشار يحدث قال: سمعت بن الكرنبي يقول: فررت في أيام المحنة بديني. قال وكان كبير اللحية وكان عليه جبة ثقيلة، وكان إذا لقيه من يخاف منه وضع لحيته في فمه وحرك رأسه فيقال هو مجنون، فخرج إلى عبادان. قال: فرأيت رجلا معه غلمان وهو من أبناء الدنيا ففزعت منه وفزع مني، قال ابن بشار فقلت له هو فزع منك من منظرك وأنت لم فزعت منه؟ قال: خشيت أن يمتحنني، قال: فإذا قوم من بغداد من قطيعة الربيع، وإذا هو فر بدينه، فوانسته وقلت له في قول الله تعالى (لن تراني) قال:
بعين فانية، في جسد فان، في دار فانية، ولكن تراني بعين باقية، في جسد باق، في دار باقية يرى الباقي الباقي. قال: فقال ابن الكرنبي: لو لم يكن محنة الا أن اخرج أسمع هذا لما كان كثيرا.