وأخبرني علي بن أيوب، أنبأنا محمد بن عمران، أخبرني محمد بن يحيى الصولي، حدثني أبو العباس عبد الله بن المعتز قال: حدث إبراهيم بن المدبر - ورأيته يستجيد شعر أبي تمام ولا يوفيه حقه - بحديث حدثنيه أبو عمرو بن أبي الحسن الطوسي وجعلته مثلا له، - قال بعثني أبي إلى ابن الأعرابي لأقرأ عليه أشعارا، وكنت معجبا بشعر أبي تمام فقرأت عليه من أشعار هذيل، ثم قرأت عليه أرجوزة أبي تمام على أنها لبعض شعراء هذيل:
وعاذل عذلته في عذله * فظن أني جاهل لجهله حتى أتممتها فقال: اكتب لي هذه فكتبتها له ثم قلت: أحسنة هي؟ قال ما سمعت بأحسن منها، قلت: إنها لأبي تمام، قال: خرق خرق. قال ابن المعتز: وهذا الفعل من العلماء مفرط القبح، لأنه يجب أن لا يدفع إحسان محسن، عدوا كان أو صديقا، وأن تؤخذ الفائدة من الرفيع والوضيع، فإنه يروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: الحكمة ضالة المؤمن، فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك. ويروي عن بزر جمهر أنه قال:
أخذت من كل شئ أحسن ما فيه، حتى انتهيت إلى الكلب، والهرة، والخنزير، والغراب، فقيل له: وما أخذت من الكلب؟ قال الفه لأهله، وذبه عن حريمه. قيل فمن الغراب؟ قال شدة حذره، قيل: فمن الخنزير؟ قال بكوره في إرادته، قيل فمن الهرة؟
قال حسن رفقها عند المسألة، ولين صياحها.
أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري حدثنا المعافي بن زكريا حدثنا محمد بن يحيى الصولي حدثنا محمد بن موسى بن حماد قال سمعت علي بن الجهم - وقد ذكر دعبلا فكفره ولعنه - وقال: كان قد أغرى بالطعن على أبي تمام وهو خير منه، دينا وشعرا، فقال له رجل: لو كان أبو تمام أخاك ما زاد على كثرة وصفك له، فقال: إلا يكن أخا بالنسب، فإنه أخ بالأدب، والدين والمروءة، أو ما سمعت قوله في طيئ:
إن يكد مطرف الإخاء فإننا * نغدو ونسري في إخاء تالد أو يختلف ماء الوصال فماؤنا * عذب تحدر من غمام واحد أو يفترق نسب، يؤلف بيننا * أدب أقمناه مقام الوالد أخبرني أبو الحسن بن محمد بن عبد الواحد أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازلي حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني أبو علي محرز. قال: اعتل أبو علي الحسن