صارت مقصد القاصي والداني، ولا سيما بعد ما استوطنها عدد من كبار الحفاظ المحدثين.
حتى أثرت رحلة بعض الحفاظ إليها، وصيرتها دار هجرة، كما ذكر لنا أبو النعمان عارم، بعد ما أخبر بعودة أبي حفص الفلاسي من أصبهان، فقال:
" وقدم أبو حفص من أصبهان، وحمل خمسة آلاف درهم، فقال: هاجر أبو داود - الطيالسي - إلى أصبهان، وصيرها دار هجرة ".
وقال السخاوي: " كانت أصفهان تضاهي بغداد في العلو والكثرة ".
فصارت حقا دار هجرة للعلماء، ومحط نشاطهم، حتى أقبل بعض الرؤساء والعمال يتنشطون، إما في تلقي الحديث أو إكرام المحدثين.
فهذا رئيس أصفهان، محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهمداني من المحدثين الذين اطمأن إليهم أبو الشيخ، فتلقى منهم الحديث، وروى عنهم.
وهذا عامل أصفهان، أبو علي أحمد بن محمد بن رستم، شغفه حب العلماء، فيستقبل الطبراني عند قدومه المرة الثانية سنة 310 ه ويسهل له البقاء بأصبهان، فيكرمه بتعيين معونة معلومة يقبضها من دار الخراج، وتستمر حتى حين وفاته بها.
وهذا الذي ذكرناه من نشاط التحديث والرواية بأصبهان، قرب له الحصول، فهو يبذل جهده في طلب الحديث من علماء بلده أولا، وهذا هو