على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكة، واتبعته الزيدية الجارودية، فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه، وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فلما وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته، فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب من بني عمه، وكان المأمون يتحمل منه ما لا يتحمله السلطان من رعيته (إلى أن قال) وتوفي محمد بن جعفر بخراسان مع المأمون، فركب المأمون ليشهده، فلقيهم وقد خرجوا به، فلما نظر إلى السرير، نزل فترجل ومشى حتى دخل بين العمودين، فلم يزل بينهما حتى وضع، فتقدم وصلى عليه، ثم حمله حتى بلغ به القبر، ثم دخل قبره فلم يزل فيه حتى بني عليه، ثم خرج فقام على القبر حتى دفن، فقال له عبيد الله بن الحسين، ودعا له: يا أمير المؤمنين، إنك قد تعبت اليوم فلو ركبت، فقال المأمون: إن هذه رحم قطعت من مائتي سنة " (إنتهى).
الارشاد، في ذكر أولاد أبي عبد الله عليه السلام، وعددهم وأسمائهم، وطرف من أخبارهم.
وذكر فيه أن المأمون التزم بقضاء دينه، وكناه بأبي جعفر.
وتقدم في ترجمة الحسن بن القاسم، أن الرضا عليه السلام كان قد أبطأ على عمه محمد هذا، فلم يحضره عند موته.
أقول: يظهر من إبطائه عليه السلام على عمه محمد، أنه لم يكن مرضيا عنده وموردا لعطفه ورأفته، ويدل على ذمه أيضا، عدة من الروايات.
منها: ما رواه الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمير بن يزيد (عمر بن زياد)، قال:
كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام، فذكر محمد بن جعفر بن محمد عليهما السلام، فقال: إني جعلت على نفسي أن لا يظلني وإياه سقف بيت، فقلت في نفسي هذا يأمرنا بالبر والصلة، ويقول هذا لعمه، فنظر إلى، فقال: هذا من البر