السؤال لا ينحصر وجهه في كونه في مقام الإنكار والرد.
بل على فرض تسليم الانحصار يمكن أن يقال: إن الرد والاعتراض قد يكون من باب الخطورات القلبية والتشكيكات الخيالية التي تتفق للإنسان مريدا به دفعها، والذي يضر بالعدالة هو الرد من باب التعنت والاستكبار. وغضبه (عليه السلام) لا يصلح أن يكون قرينة للأخير؛ لجواز أن يكون لأجل أنه ما كان يليق عن مثله ذلك.
ومن أراد تحقيق ذلك فعليه بملاحظة الصحيح المروي في باب ميراث الولد مع الأبوين من مواريث الكافي عن زرارة ليرى (1) ما اتفق له مع أبي جعفر (عليه السلام) فإنه لعله فوق ما وقع من إسحاق بمراتب ولم يقدح فيه أحد لذلك.
وأما الأول، فعدم دلالته على القدح أظهر؛ لوضوح اختلاف الناس في معرفة مرتبة الإمام (عليه السلام) واختلاف حالات شخص واحد فيها، بل يمكن دعوى استفادة المدح منها بملاحظة أن كل أحد ليس له قابلية الدخول على الإمام (عليه السلام) للوداع، وأن مثل هذا الكلام لا يلقى إلا إلى الخواص وأهل المعرفة.
وبالجملة: لعل وثاقة الرجل وجلالته مما لا ينبغي التأمل فيه، ولا سيما بعد ملاحظة رواية أجلاء الأصحاب من الرواة عنه من مثل صفوان بن يحيى وغيره ممن قيل في حقه: إنه لا يروي إلا عن ثقة (2)، ولا سيما بعد ملاحظة إكثار هؤلاء في الرواية عنه.