الاستحقاق فيها عقلا فكيف بالمقدمات ولكن حملها على التوزيع فيه ما لا يخفى وذلك لما عرفت من حصول القرب بإتيان نفس المقدمات إذا كان بداعي وجوبها الغيري والتوصل بها إلى ذيها وان لم يؤت بذي المقدمة بعدا لطرو مانع عنه خارجا فلو كان الثواب المترتب على المقدمات هو نفس ثواب ذي المقدمة وقد وزع عليها لاقتضى ذلك عدم حصول القرب بها فيما إذا لم يؤت بذيها أصلا.
(قوله وذلك لبداهة ان موافقة الأمر الغيري بما هو أمر... إلخ) علة لقوله ضرورة استقلال العقل بعدم الاستحقاق إلا لعقاب واحد أو لثواب كذلك... إلخ. وقد أشرنا قبلا ان المصنف قد علل حكم العقل بعدم استحقاق الثواب والعقاب على المقدمات بأنها ليست مقربة ولا مبعدة فهذا هو تعليله له فلا تغفل.
(قوله لا بما هو شروع في إطاعة الأمر النفسي... إلخ) المفهوم من هذا الكلام ان الإتيان بالمقدمة بما هو شروع في امتثال الأمر بذي المقدمة مما يوجب القرب والثواب على ذي المقدمة وسيأتي الإشارة إليه في المقدمة المقصودة بها التوصل أيضا.
(أقول) ان قلنا ان امتثال الأمر الغيري مقرب كامتثال الأمر النفسي بحيث إذا أتى بالمقدمة بداعي أمرها الغيري وبقصد التوصل بها إلى ذيها فقد حصل له القرب إلى المولى وان لم يمكنه الإتيان بذي المقدمة بعدا لطرو مانع عنه خارجا فهو وإلا بان قلنا ان المقرب إلى المولى هو مما ينحصر بامتثال الأمر النفسي فحينئذ دعوى ان الإتيان بالمقدمة حيث يكون شروعا في امتثال الأمر النفسي فيحصل به القرب والثواب على ذي المقدمة مما لا وجه له فان الشروع في امتثال الأمر النفسي ليس إلا من زمان الإتيان بنفس الواجب لا الإتيان