(ثم ان) ظاهر المصنف أن وجه صيرورة الأمر بهما بمجرد استقلال العقل بحسنهما إرشاديا لا مولويا أنه يندرج بذلك تحت ضابطة الأوامر الإرشادية وهي أن يكون لمحض التنبيه على ما يترتب على الفعل بنفسه من الخواص والآثار والمنافع والمضار ولو لم يكن أمر به أصلا من دون أن يترتب على موافقته قرب ولا ثواب ولا على مخالفته بعد ولا عقاب نظير أوامر الطبيب ونواهيه وقد أشار إلى ذلك بقوله فيكون الأمر فيها أي في الآيات والروايات لما يترتب على المادة بنفسها ولو لم يكن هناك أمر بها كما هو الشأن في الأوامر الإرشادية.
(أقول) أما استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق فلا يبعد أن يكون قرينة على عدم كون الأمر بهما في الآيتين الشريفتين لأكثر مما استقل به العقل من الحسن والرجحان وأنه مؤكد لحكمه لا حكم جديد فيكون هذا شاهدا آخر على كون الأمر بهما للندب لا للوجوب غير ما تقدم في الجواب الثاني ولكن كونه قرينة على أن الأمر بهما إرشادي لا مولوي بحيث لا يترتب على امتثاله قرب ولا ثواب ولا على عصيانه بعد ولا عقاب غير ما يترتب على الفعل بنفسه من الخواص والآثار فلا.
في بيان الضابط في إرشادية الأوامر والنواهي وتوضيح ذلك أنه لا إشكال على الظاهر في أن الضابط في إرشادية الأوامر والنواهي كما أشير إليه هو أن يكون الأمر أو النهي لمحض التنبيه على ما في الفعل من الخواص والآثار والمنافع والمضار من دون أن يترتب على موافقته قرب ولا ثواب ولا على مخالفته بعد ولا عقاب (وقد صرح بذلك