وفيه منع ضرورة أن سياق آية وسارعوا إلى آخره.
(أقول) وفيه ما لا يخفى فان الواجبات كلها مما يستتبع تركها الغضب والشر والا لم تكن واجبات ومع ذلك ليس البعث بالتحذير عن تركها بل بالتحريك إلى فعلها غالبا ولعله إليه أشار أخيرا بقوله فافهم.
(الثاني) ان الأمر بالمسارعة والاستباق لو كان للوجوب لزم كثرة تخصيصه أي في جميع المستحبات وكثير من الواجبات بل وأكثرها مما لا يجب فيه المسارعة والاستباق فلا بد من حمل الأمر في الآيتين الشريفتين على الندب أو على مطلق الطلب المشترك بين الوجوب والندب كي يلائم الواجبات والمستحبات جميعا وقد أشار إلى ذلك بقوله مع لزوم كثرة تخصيصه إلى قوله أو مطلق الطلب.
(أقول) وفيه ما لا يخفى أيضا فان حمل الأمر فيهما على الندب حذرا من لزوم تخصيص الأكثر وإن كان حقا ولكن حمله على مطلق الطلب مما لا وجه له فان الطلب جنس والجنس مما لا يتحقق في الخارج إلا مع أحد الفصول وفي ضمن أحد الأنواع فكما أن الحيوان لا يتحقق في الخارج إلا مع الناطق مثلا أو مع الناهق وفي ضمن الإنسان مثلا أو في ضمن الحمار ونحوهما فكذلك الطلب مما لا يتحقق في الخارج ولا ينشأ بالصيغة ونحوها إلا في ضمن الوجوب أو الندب وعليه فالطلب المنشأ في الآيتين أما وجوبي أو ندبي فلا معنى لحمل الأمر فيهما على مطلق الطلب كي يلائم الواجبات والمستحبات جميعا.
(الثالث) أن العقل مستقل بحسن المسارعة والاستباق فيكون الأمر بهما إرشادا إلى حسنهما العقلي ولا يكون مولويا يستفاد منه وجوب المسارعة والاستباق شرعا كسائر الواجبات الشرعية وقد أشار إلى ذلك بقوله ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق إلى قوله إرشادا إلى ذلك... إلخ)