يمس به في سببيتها لانقداح الإرادة والكراهة في نفسه المقدسة (وعلى هذا) فأوامر الشارع ونواهيه كلها مولوية بهذا المعنى أي تكون عن إرادة وكراهة في نفسه الشريفة ناشئة عن الخواص والآثار والمنافع والمضار الموجودة في الفعل فيترتب على موافقتها القرب والثواب وعلى مخالفتها البعد والعقاب (ومن جملتها) الأمر بالمسارعة والاستباق فان مجرد استقلال العقل بحسنهما لا يكاد يكفى في صيرورة الأمر بهما إرشاديا كما تقدم من المصنف ما دامت الإرادة منقدحة في نفس المولى على طبق حكم العقل بحسنهما وان كان ذلك شاهدا على استحبابهما كما بينا (كما أن من جملتها) أيضا الأمر بالإطاعة والنهي عن المعصية فان مجرد امتناع تعلق إرادة أخرى مستقلة بفعل الأولى وترك الثانية غير الإرادة المتعلقة بفعل المأمور به وترك المنهي عنه نظرا إلى عدم كون الإطاعة والمعصية أمرا آخر غير الإتيان بالمأمور به وترك المنهي عنه لا يكاد يكفى في صيرورة الأمر والنهي المتعلقين بهما إرشاديين كما تقدم من الشيخ أعلى الله مقامه فان ملاك الإرشادية على ما عرفت هو خلو الأمر أو النهي عن الإرادة أو الكراهة لا امتناع تعلق إرادة أخرى مستقلة غير إرادة فعل المأمور به وترك المنهي عنه ومن المعلوم أن الأمر والنهي المتعلقين بهما غير خاليين عن الإرادة والكراهة غايته أن الإرادة والكراهة فيهما هي عين الإرادة والكراهة المتعلقتين بفعل الواجبات وترك المحرمات ومن هذا كله يظهر لك حال الأمر بالإشهاد في المعاملة أو النهي عن الاقتحام في الشبهات إلى غير ذلك مما اشتهر كونها إرشادية لا مولوية فتأمل في المقام جيدا فإنه لا يخلو عن دقة.
(قوله كان البعث بالتحذير عنهما أنسب... إلخ) في العبارة مسامحة واضحة والأولى كان ان يقول بالتحذير عنه أي عن تركهما أنسب.