مقيد فالوجوب الغيري مقيد بوجوب ذي المقدمة والتخييري مقيد بما إذا لم يأت بالبدل والكفائي مقيد بما إذا لم يأت به آخر فإذا كان المولى في مقام البيان وتمت مقدمات الحكمة فإطلاق الصيغة يقتضى كون الطلب غير مقيد بوجوب شيء آخر ولا بما إذا لم يأت بشيء آخر ولا بما إذا لم يأت به شخص آخر فيكون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا.
(أقول) وكل هذا محل المناقشة بل المنع الصريح (والحق) ان إطلاق الصيغة مما لا يقتضى شيئا مما ذكر أصلا (أما عدم اقتضائه) كون الوجوب نفسيا فلان الوجوب الغيري ليس مقيدا دائما بوجوب ذي المقدمة في لسان الدليل كي نستكشف من إطلاقه أنه نفسي لا غيري بل الغيري على أقسام (فقد يكون) مشروطا في لسان الدليل كما في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم (وقد يكون) مطلقا في لسان الدليل مذكورا مع ذيها بنحو الإطلاق كما في قوله ادخل السوق واشتر اللحم (وقد يكون) مطلقا غير مذكور مع ذيها أصلا كما إذا قال ادخل السوق وبعد ما دخل السوق قال له اشتر اللحم فإذا كان الواجب الغيري على أقسام ولم يكن مشروطا دائما في لسان الدليل فبمجرد إطلاق وجوبه فيه لا يكاد يعرف أنه نفسي لا غيري بل لا بد حينئذ عند الشك من الرجوع إلى الأصل العملي وهو يختلف باختلاف المقامات (فان علم) إجمالا أنه واجب فعلا على كل حال أما نفسيا أو غيريا لواجب آخر قد دخل وقته فلا مجال حينئذ للأصل العملي أصلا (وان علم) إجمالا أنه اما واجب نفسي أو غيري لواجب آخر لم يدخل وقته بعد فالأصل حينئذ مما يقتضى الغيرية بمعنى عدم وجوب الإتيان به فعلا ما لم يدخل وقت ذلك الواجب الآخر ويحصل العلم الإجمالي بوجوبه (وأما عدم اقتضائه) كون الوجوب تعيينيا فلان الوجوب التخييري كما سيأتي في محله ليس مشروطا