والعقل يستقل بلزوم الخروج عن عهدته فانا إذا علمنا أن شيئا خاصا كالعتق مثلا واجب قطعا ولم نعلم أنه تعبدي يعتبر فيه قصد القربة أم توصلي لا يعتبر فيه ذلك فما لم يؤت به بقصد القربة لم يعلم الخروج عن عهدة التكليف المعلوم تعلقه به فإذا لم يؤت به كذلك وقد صادف كونه تعبديا يعتبر فيه قصد القربة فلا يكون العقاب حينئذ عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان.
(أقول) ويرد عليه:
(أولا) ان هذا هو عين التقريب الجاري للاحتياط في الأقل والأكثر الارتباطيين وليس هو شيئا جديدا في المقام قد أوجب المصير إلى الاشتغال هنا وان قلنا هناك بالبراءة.
(وثانيا) ان حال المقام بعينه هو حال الأقل والأكثر الارتباطيين فكما نقول فيهما بالبراءة العقلية خلافا للمصنف هناك بالبيان الذي سيأتي منا شرحه وتفصيله في محله من ان العقاب بقدر البيان ولا بيان على الأمر المشكوك اعتباره فكذلك نقول بها في المقام حرفا بحرف غير ان الأمر المشكوك دخله هناك كالسورة مثلا على تقدير دخله يكون اعتباره شرعيا وفي المقام يكون اعتباره عقليا وذلك مما لا يوجب تفاوتا فيما نحن بصدده (نعم قد يتوهم) ان اعتبار قصد القربة في العبادات بعد ما كان عقليا ولم يكن بيانه بعهدة الشارع لم يصح التشبث بقبح العقاب بلا بيان فان الشارع لم يبينه في معلوم التعبدية فكيف بمشكوك التعبدية (ولكنه توهم ضعيف) فان المقصود من البيان في قبح العقاب بلا بيان ليس خصوص بيان الشارع والا لم يصح التشبث بالبراءة العقلية في الشبهات الموضوعية نظرا إلى عدم كون البيان فيها بعهدة الشارع بل المقصود منه مطلق الوضوح والانكشاف كما سيأتي تحقيقه في أصل البراءة إن شاء الله تعالى ومن المعلوم أنه مفقود في المقام وعليه فلا يبقى مانع