أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٣١٨
حكم العقل بلزوم تحصيل الفراغ اليقيني عن التكليف المعلوم (فإن قلت) على هذا لا يكون الاحتياط في العبادة حسنا حتى مع عدم التمكن من الاجتهاد أو التقليد لاتحاد الملاك وهو الاخلال بهما أو بخصوص معرفة الوجه (قلت) كلا إذ اعتبارهما أو اعتبار خصوص معرفة الوجه قطعا أو احتمالا إنما يكون مع التمكن منهما ومع التعذر يدور الامر بين الترك المطلق وبين تركهما والاتيان بذات العبادة ولا ريب في استقلال العقل بتعين الثاني وكونه احتياطا في هذا الحال والحاصل ان اعتبارهما على تقدير الثبوت ليس على نحو الركنية للعبادة حتى يرتفع التكليف بتعذرهما من رأس بل هو مختص بحال التمكن فمع التعذر يكون الاتيان بذات العبادة احتياطا لا محالة (هذا) ولكن يرد عليه (أولا) انا نقطع بعدم اعتبار شئ منهما في تحقق الطاعة إذ مع كثرة الابتلاء بهما وغفلة العامة عنهما لعدم كون اعتبارهما من المستقلات العقلية البديهية وانما ذهب إلى اعتباره من اعتبره بوجوه عقلية نظرية لابد من الإشارة إليهما في الأدلة حفظا للغرض وحيث انه ليس فيها ما يدل على ذلك فنقطع بالعدم لأن عدم الدليل في مثل ذلك دليل العدم (وثانيا) ان ما دل من الاخبار على كفاية مطلق قصد القربة في مقام الامتثال كقوله عليه السلام إذا كان بنية صالحة يريد بها ربه يدل باطلاقه على عدم اعتبار شئ آخر في العبادية غير قصد القربة فيكون مخصصا لما اعتبره العقل في الطاعة من القيود (وثالثا) لو سلمنا عدم القطع بعدم الاعتبار وعدم قيام الدليل عليه فحيث ان أدلة اعتباره غير قطعية فلا محالة يكون الاعتبار مشكوكا فيستقل العقل بالبراءة وعدم استحقاق العقاب بتركهما وما ذكر من أن الشك إذا كان راجعا إلى اعتبار شئ في الإطاعة عقلا لا يكون مجرى للبراءة والمقام من هذا القبيل مغالطة نشأت من الخلط بين الطاعة التي يستقل العقل بلزومها مطلقا وبين الطاعة المعتبرة في خصوص العبادات فإن الطاعة بالمعنى الأول عبارة عن لزوم انبعاث العبد عن بعث المولى وانزجاره عن زجره وهو لا شبهة في عدم كونه قابلا لحكم مولوي وإذا فرض من الشارع أمر به فلا محالة يكون ارشاديا محضا وعليه فإذا شك في اعتبار شئ فيها فلا محالة يكون الشك راجعا إلى مرحلة امتثال التكليف المعلوم فيكون موردا للاشتغال دون البراءة وهذا بخلاف الطاعة بالمعنى الثاني الذي هو عبارة عن جعل أمر المولى داعيا إلى الفعل فإن اعتباره سواء كان بالجعل الثاني أو من ناحية الغرض يكون من قبل الشرع ليس إلا ضرورة ان العقل ليس بنبي مشرع بل يستقل بلزوم الاتيان بكل ما تعلق به إرادة المولى فإذا شك في أصل اعتبار قصد القربة أو
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»