إذا كان له مراتب وان تعسر المرتبة العالية منه لا يوجب سقوط غيرها من المراتب التي تعد ميسورة منه وكيف كان فدلالة الروايتين على وجوب الاتيان بما هو الميسور من اجزاء المركب وعدم سقوطه بتعذر بعضها في غاية القوة وعلى ذلك فيكون مقتضى القاعدة الثانوية هو اختصاص قيدية كل قيد للواجب بصورة التمكن فتسقط عند تعذره حتى لو فرض هناك اطلاق في دليل قيديته لحالتي التمكن والتعذر فان قاعدة الميسور من جهة حكومتها على الأدلة الأولية توجب تقييد ذلك الدليل واختصاصه بصورة التمكن من دون ملاحظة النسبة بينهما كما في كل دليل حاكم بالقياس إلى الدليل المحكوم الا ان الاشكال في أن التمسك بها يحتاج إلى احراز صدق الميسور على الباقي وهذا لا يكون الا مع عدم ركنية الجزء المتعذر للواجب والا كان الباقي مبانيا معه لا ميسورا منه واحراز ذلك في الموضوعات العرفية وإن كان ممكنا في الجملة الا ان موارد الشك في كون المتعذر ركنا أو غيره كثيرة لا سيما في الموضوعات الشرعية التي لا طريق للعرف إلى تشخيص الجزء الركني من غيره ومن ثم اشترط جواز التمسك بها بعمل المشهور ولا يخفى ان عملهم بها في مورد إذا كان بحيث يكشف عن عمل من تقدمهم بها في ذلك المورد إلى أن ينتهي إلى زمان الأئمة عليهم السلام فيستكشف عدم ركنية المتعذر شرعا فلا ريب في صحة التمسك بها حينئذ واما إذا لم يكن كذلك بل غاية الأمر هو حصول الظن من عمل المشهور بصدق الميسور على الباقي فيشكل التمسك بها لوجوبه لما مر في بحث حجية الظواهر من عدم حجية الظن الخارجي بالمراد الا على القول بحجية مطلق الظن من باب الانسداد وعليه يكون الظن الحاصل من عمل المشهور كالظن الحاصل من قول اللغوي وغيره في عدم الدليل على اعتباره بالخصوص وبالجملة التمسك بالقاعدة يتوقف على احراز صدق الميسور على الباقي ومع عدمه يكون الشبهة مصداقية ولا يجوز التمسك معها بالعموم (وهل يجوز) التمسك حينئذ باستصحاب وجوب الباقي إذا لم يكن هناك اطلاق يقتضي القيدية المطلقة أم لا وجهان أقواهما عدم الجواز وذلك لما سيجئ من اشتراط جوازه ببقاء الموضوع أعني به اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة فإذا فرضنا كون المتعذر مما يحتمل ركنيته فلا يصدق على الباقي انه كان واجبا سابقا عند التمكن من الجزء المتعذر فعلا وشك في بقاء وجوبه إذ من المحتمل مغايرة الباقي له من جهة انتفاء ما اعتبر فيه المحتمل ركنيته (وبالجملة) ان أحرز عدم ركنية المتعذر وصدق الميسور على الباقي فالاستصحاب في حد ذاته وإن كان جاريا الا انه لا يجري من
(٣١٥)