الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الاخر (ومنها) رواية داود بن حصين عن الصادق عليه السلام في مورد اختلاف الحكمين قال عليه السلام ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا (ومنها) قول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك. ودلالة هذه الأخبار على تقديم الأعلم على غير الأعلم ظاهرة.
لكن استشكل عليها بأنها واردة في مقام الحكومة ودفع الخصومة وفي ذلك المقام لا بد من تعيين أحدهما للاخذ بحكمه ولا معنى للتخيير لان كل واحد ربما يختار غير ما يختار الاخر فتبقى الخصومة بحاله (ومعلوم) إذا كان التعيين لازما فالأفضل مقدم فلا تلازم بين تقديم الأفضل في مقام الخصومة بعد صدور الحكم عن الاثنين مع تقديمه في مقام الفتوى (ولكن أنت خبير) بأن التقديم وتعيين الأفضل في هذه الروايات وان كان في مقام الحكومة ورفع الخصومة (ولكن) هذا الترجيح والتقديم وقع باعتبار مدرك الحكم وهو ليس إلا الفتوى هذا أولا (وثانيا) مدلول هذه الأخبار حجية قول الأفضل وفتواه دون المفضول لقوله عليه السلام في المقبولة (ولا يلتفت إلى ما حكم به الاخر) ولا فرق في الحجية بين الحكم والفتوى (وثالثا) بالاجماع المركب لأنه كل من يقول بتقديم الأعلم في مقام الحكم يقول بتقديمه في مقام الفتوى فالتفصيل بينهما خرق للاجماع (نعم هناك) من يقول بعدم التقديم في كليهما وأما القائل بالتفصيل فليس في البين أصلا (والحاصل) أن هذه الأخبار لا قصور في دلالتها على لزوم الرجوع إلى الأفضل عند العلم بالاختلاف في فتواهما وإذا ظهر ذلك لك فعلى فرض أن يكون هناك إطلاقات للآيات والروايات تدل على جواز تقليد المفضول مع وجود الأفضل مع مخالفة فتواه لفتوى المفضول لا بد أن يقيد بهذه الاخبار مع أنه تقدم أنه لا إطلاق في البين أصلا.